تذكّر الموت
سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيّ المؤمنين أكْيَس؟ فقال: {أكثرهم للموت ذِكْرًا وأحسنهم لما بعده استعدادًا، أولَئك الأكياس} أي: العقلاء (صحَّحه الحاكم والذهبي وحسَّنه الألباني) {الكَيِّس (العاقل) مَن دان نفسه وعمِلَ لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله}(حسَّنه الترمذي وصحَّحه الحاكم والذهبي) دان نفسه: أخضَعَها واستعْبدَها وقَهَرَها على الطاعة وحاسبها. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {مَن كانت الدنيا هَمّه فَرَّقَ الله عليه أمره وجَعَلَ فقره بين عينيه ولم يأتِه من الدنيا إلاَّ ما كُتِب له، ومَن كانت الآخرة نيَّته جَمَعَ الله له أمره وجَعَلَ غِنَاه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة}(صحيح ابن ماجه) {مَن جَعَلَ الهمُوم هَمًّا واحدًا همّ المعاد كفاه الله سائر الهمُوم، ومَن تشعَّبت به الهمُوم من أحوال الدنيا لم يُبالِ الله في أيّ أوديتها هَلَك}(صحيح الجامع) {استحيوا من الله تعالى حقَّ الحياء، مَن استحيا من الله حقَّ الحياء فلْيحفظ الرأس وما وعَى ولْيحفظ البطن وما حوَى ولْيذكر الموت والبلا، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حقَّ الحياء}(صحيح الجامع).
ونحن نخشَى النار
ونطلب الجِنان
والدنيا تطلبنا
والموت يطلبنا
} فلا تغرَّنَّكم الحياة الدنيا ولا يغرَّنَّكم بالله الغَرُور {
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {كن في الدنيا كأنَّك غريب أو عابر سبيل}(صحيح البخاري) فتمثَّل نفسك أنَّك مسافر في بلدٍ غريب تعلَم أنَّك ستتركه حتمًا ثمَّ لا تعود إليه أبدًا، وأنَّك قد تتركه الآن في هذه اللحظة دون سابق إنذارٍ أو تنبيه إلى بلدٍ آخر تبقَى فيه أبدا، فكيف يكون تصرّفك في البلد الغريب؟ وأين يكون كلّ همّك وتفكيرك؟ أكثِر من هذا التصوّر فهكذا يجب أن يكون المؤمن العاقل في هذه الدنيا الفانية {واعدد نفسك في الموتَى}(صحيح الجامع) {وعدّ نفسك في أهل القبور}(صحيح الترمذي).
الأرزاق المتدفقةبسم الله وبحمده والصلاة والسلام والبركة على رسوله.. وبعد:
فإنَّ كثيرًا من الناس يتصوَّرون أنَّ رِزْقَهم الذي كَتَبَه الله لهم
مرتبطٌ بحالتهم المادِّيَّة!!.
والحقيقة أنَّ الأرزاق نوعان مختلفان ومتداخلان وهما:
1- رِزْقك الذي كَتَبَه الله لك.
2- الرزق الذي يُجْرِيه الله على يديك، وهو قِسْمان:
1 - كلُّ ما تملك؛ وهو المحدِّد لحالتك المادِّيَّة أو الماليَّة.
2 - كلُّ ما تنفق.
فأمَّا رِزْقُك فهو ما كَتَبَه الله لك من المأكل والمشرب والملبس والمسكن والمركب والزوج والولد وأمثال ذلك، وهو مضمونٌ لك كالموت، وسيأتيك حتمًا ولو هَرَبْتَ منه، ولن تموت حتَّى تستوفيه كاملاً مَهْما كانت حالك والظروف المحيطة بك، قال الله U: } وما مِن دابَّةٍ في الأرض إلاّ على الله رِزْقها {(6 هود) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لو أنَّ ابن آدم هَرَبَ من رِزْقِه كما يهرب من الموت لأدركه رِزْقُه كما يدركه الموت}(صحيح الجامع).
أمَّا الرزق المتدفِّق على يديك فتجد وصفه الدقيق في هذه الآية الكريمة } قلْ إنَّ ربِّي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقْدِر له وما أنفقتم مِن شيءٍ فهو يُخلِفُه وهو خير الرازقين {(39 سبأ) ففي نصفها الأوَّل ترَى أنَّ مشيئة الله تعالى وحده هي العامل الوحيد المحدِّد لحالتك المادِّيَّة وما يُسمَّى (مصادر الدخل)(1) والتي تتأثَّر بمستوَى ما قدَّره الله لك من الغِنَى والفقر، وفي نصفها الثاني يؤكِّد لنا ربُّنا سبحانه وتعالى أنَّ مستوَى الحالة المادِّيَّة لا ينقص بالإنفاق - سواء أنفقتَ على نفسك وحدها أو على العالَم كلّه - لأنَّ كلّ ما تنفقه يُخْلِفه وهو خير الرازقين، وهو القائل أيضًا في الحديث القدسي: } أَنفِقْ يا بن آدم أُنفِقُ عليك {(متَّفق عليه) والبخل والادخار وتقليل النَفَقَة لن يحميك من الفقر إذا قدَّره الله عليك ولن يزيد حالتك المادِّيَّة التي كتبها الله لك، لأنَّ كلّ ما زاد عنها يُتلِفه الله U، وكلُّ ما نقص عنها يُخلِفه الله U وهو خير الرازقين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {ما مِن يومٍ يصبح العباد فيه إلاّ ملَكان ينْزِلان فيقول أحدهما: اللهمّ أَعطِ منفِقًا خَلَفا، ويقول الآخر: اللهمّ أَعطِ ممسكًا تلفا}(متَّفق عليه) وقال لأسماء رضي الله عنها: {أَنفِقِي ولا تحصي فيحصي الله عليك ولا توعي(2) فيوعي الله عليك}(متَّفق عليه) فما تفعله يُفعل بك مثله، بحيث لا يتبدَّل ولا يتغيَّر مستوَى ما قدَّره الله تعالى لك من الغِنَى والفقر، ومصادر الدخل تابعةٌ لهذا أيضًا؛ فتزيد بزيادة الإنفاق وتنقص بنقصه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنَّ الله تعالى يُنْزِل المعونة على قَدْر المؤنة}(صحيح الجامع) وبالتالي فإنَّ حالتك المادِّيَّة لن تتأثَّر بهذه المؤنة أو النفقة، ولكنها ستتغيَّر حتمًا إذا شاء الله ذلك ولا تبديل لأمره سبحانه(3)، لذلك فإنَّ مِن الحِكْمَة والذكاء(4) ومِن حُسن ظنِّك بالله عزَّ وجلّ(5) وثقتك بوعده، وطاعتك لأمره(6) وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ومعرفتك بمصالحك الأبديَّة ونهايتك الحتميَّة(7) أن تنفق ما زاد عن حاجتك بأقصَى سرعة لتستفيد منه في الدنيا والآخرة قبل أن يُتلفه أمر الله تعالى(3) أو يتلفك ولا رادَّ لأمره وقضائه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {لو كان لي مثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا لَسَرَّنِي أنْ لا تمرَّ علَيَّ ثلاث ليالٍ وعندي منه شيء إلاَّ شيئًا أرصده لدَين}(متفق عليه) أي: لقضاء دَينه.
ومَن أمْسَك فإنَّما يمسك عن نفسه ويَحْرِم نفسه طاعةً للشيطان الذي يُخوِّفه الفقر } قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربِّي إذًا لأمسكتم خشية الإنفاق {(100 الإسراء) فلَيسَتْ المشكلة في قِلَّة المال وكثرة الالتزامات، بل هي في تخويف الشيطان } الشيطان يَعِدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يَعِدكم مغفرةً منه وفضلاً والله واسعٌ عليم {(268 البقرة) أفتثقون بوعد الشيطان ولا تثقون بوعد الله سبحانه وتعالى؟؟!!!.. بل إنَّ مَن أمْسَك فإنَّما يمسك شرًّا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {يا بن آدم إنَّك أنْ تبذل الفضل خيرٌ لك وأنْ تمسكه شرٌّ لك، ولا تُلام على كفاف وابدأ بمن تَعول، واليد العليا خيرٌ من اليد السفلَى}(صحيح مسلم) والفضل هو ما زاد عن الحاجة، والكفاف قَدْر الحاجة، فانتبه واحذر فإنما الخطر في التكاثر لا في الفقر، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: {ما أخشَى عليكم الفقر ولَكنِّي أخشَى عليكم التكاثر}(صحيح الجامع) وهو كثرة المال مع الحرص عليه وقلَّة النفقة، أمَّا مع التقوَى وكثرة الإنفاق وعدم الحرص فلا يُسمَّى تكاثرًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {إنَّ الله يحبُّ العبد التقيَّ الغنيَّ الخفيّ}(صحيح مسلم) والغنيّ هو المستغني بالله عن غيره سواء كان كثير المال أو قليله، والخفيّ هو الذي جعل معاملته مع الله سبحانه وتعالى وحده طلبًا وطمعًا وتوكُّلاً وعطاءً في سبيل رضاه وجنَّته.
وقد شدَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالغ في تحذير المكثرين في أحاديث عديدة منها قوله: {إنَّ المكثرين هم المقلُّون يوم القيامة إلاَّ مَن أعطاه الله خيرًا فَنَفَحَ فيه يمينه وشماله وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيرا}(متَّفق عليه) وقوله: {الأكثرون هم الأسفلون يوم القيامة إلاَّ من قال بالمال هكذا وهكذا(8) وكسبه من طيِّب}(صحيح ابن ماجه) وقوله: {إنَّ المكثرين هم الأرذلون إلاَّ مَن قال هكذا وهكذا وهكذا}(9) وقوله: {ويلٌ للمكثرين إلاَّ من قال بالمال هكذا وهكذا}(صحيح الجامع) وقوله: {هَلَكَ المكثرون، إنَّ المكثرين الأقلُّون يوم القيامة إلاَّ مَن قال بالمال هكذا وهكذا وقليلٌ ما هم}(9) ويكفيهم هلاكًا قوله صلى الله عليه وسلم: {يدخل الفقراء الجنَّة قبل الأغنياء بخمسمائة عام}(10) يقضونها في نعيمٍ عظيم، والمكثرون في حسابٍ عسير، قال الله عزَّ وجلّ في الحديث القدسي: } أعْدَدْتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعَتْ ولا خَطَرَ على قلب بشر {(متَّفق عليه).
سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيّ المؤمنين أكْيَس؟ فقال: {أكثرهم للموت ذِكْرًا وأحسنهم لما بعده استعدادًا، أولَئك الأكياس} أي: العقلاء (صحَّحه الحاكم والذهبي وحسَّنه الألباني) {الكَيِّس (العاقل) مَن دان نفسه وعمِلَ لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله}(حسَّنه الترمذي وصحَّحه الحاكم والذهبي) دان نفسه: أخضَعَها واستعْبدَها وقَهَرَها على الطاعة وحاسبها. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {مَن كانت الدنيا هَمّه فَرَّقَ الله عليه أمره وجَعَلَ فقره بين عينيه ولم يأتِه من الدنيا إلاَّ ما كُتِب له، ومَن كانت الآخرة نيَّته جَمَعَ الله له أمره وجَعَلَ غِنَاه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة}(صحيح ابن ماجه) {مَن جَعَلَ الهمُوم هَمًّا واحدًا همّ المعاد كفاه الله سائر الهمُوم، ومَن تشعَّبت به الهمُوم من أحوال الدنيا لم يُبالِ الله في أيّ أوديتها هَلَك}(صحيح الجامع) {استحيوا من الله تعالى حقَّ الحياء، مَن استحيا من الله حقَّ الحياء فلْيحفظ الرأس وما وعَى ولْيحفظ البطن وما حوَى ولْيذكر الموت والبلا، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حقَّ الحياء}(صحيح الجامع).
ونحن نخشَى النار
ونطلب الجِنان
والدنيا تطلبنا
والموت يطلبنا
} فلا تغرَّنَّكم الحياة الدنيا ولا يغرَّنَّكم بالله الغَرُور {
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {كن في الدنيا كأنَّك غريب أو عابر سبيل}(صحيح البخاري) فتمثَّل نفسك أنَّك مسافر في بلدٍ غريب تعلَم أنَّك ستتركه حتمًا ثمَّ لا تعود إليه أبدًا، وأنَّك قد تتركه الآن في هذه اللحظة دون سابق إنذارٍ أو تنبيه إلى بلدٍ آخر تبقَى فيه أبدا، فكيف يكون تصرّفك في البلد الغريب؟ وأين يكون كلّ همّك وتفكيرك؟ أكثِر من هذا التصوّر فهكذا يجب أن يكون المؤمن العاقل في هذه الدنيا الفانية {واعدد نفسك في الموتَى}(صحيح الجامع) {وعدّ نفسك في أهل القبور}(صحيح الترمذي).
الأرزاق المتدفقةبسم الله وبحمده والصلاة والسلام والبركة على رسوله.. وبعد:
فإنَّ كثيرًا من الناس يتصوَّرون أنَّ رِزْقَهم الذي كَتَبَه الله لهم
مرتبطٌ بحالتهم المادِّيَّة!!.
والحقيقة أنَّ الأرزاق نوعان مختلفان ومتداخلان وهما:
1- رِزْقك الذي كَتَبَه الله لك.
2- الرزق الذي يُجْرِيه الله على يديك، وهو قِسْمان:
1 - كلُّ ما تملك؛ وهو المحدِّد لحالتك المادِّيَّة أو الماليَّة.
2 - كلُّ ما تنفق.
فأمَّا رِزْقُك فهو ما كَتَبَه الله لك من المأكل والمشرب والملبس والمسكن والمركب والزوج والولد وأمثال ذلك، وهو مضمونٌ لك كالموت، وسيأتيك حتمًا ولو هَرَبْتَ منه، ولن تموت حتَّى تستوفيه كاملاً مَهْما كانت حالك والظروف المحيطة بك، قال الله U: } وما مِن دابَّةٍ في الأرض إلاّ على الله رِزْقها {(6 هود) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لو أنَّ ابن آدم هَرَبَ من رِزْقِه كما يهرب من الموت لأدركه رِزْقُه كما يدركه الموت}(صحيح الجامع).
أمَّا الرزق المتدفِّق على يديك فتجد وصفه الدقيق في هذه الآية الكريمة } قلْ إنَّ ربِّي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقْدِر له وما أنفقتم مِن شيءٍ فهو يُخلِفُه وهو خير الرازقين {(39 سبأ) ففي نصفها الأوَّل ترَى أنَّ مشيئة الله تعالى وحده هي العامل الوحيد المحدِّد لحالتك المادِّيَّة وما يُسمَّى (مصادر الدخل)(1) والتي تتأثَّر بمستوَى ما قدَّره الله لك من الغِنَى والفقر، وفي نصفها الثاني يؤكِّد لنا ربُّنا سبحانه وتعالى أنَّ مستوَى الحالة المادِّيَّة لا ينقص بالإنفاق - سواء أنفقتَ على نفسك وحدها أو على العالَم كلّه - لأنَّ كلّ ما تنفقه يُخْلِفه وهو خير الرازقين، وهو القائل أيضًا في الحديث القدسي: } أَنفِقْ يا بن آدم أُنفِقُ عليك {(متَّفق عليه) والبخل والادخار وتقليل النَفَقَة لن يحميك من الفقر إذا قدَّره الله عليك ولن يزيد حالتك المادِّيَّة التي كتبها الله لك، لأنَّ كلّ ما زاد عنها يُتلِفه الله U، وكلُّ ما نقص عنها يُخلِفه الله U وهو خير الرازقين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {ما مِن يومٍ يصبح العباد فيه إلاّ ملَكان ينْزِلان فيقول أحدهما: اللهمّ أَعطِ منفِقًا خَلَفا، ويقول الآخر: اللهمّ أَعطِ ممسكًا تلفا}(متَّفق عليه) وقال لأسماء رضي الله عنها: {أَنفِقِي ولا تحصي فيحصي الله عليك ولا توعي(2) فيوعي الله عليك}(متَّفق عليه) فما تفعله يُفعل بك مثله، بحيث لا يتبدَّل ولا يتغيَّر مستوَى ما قدَّره الله تعالى لك من الغِنَى والفقر، ومصادر الدخل تابعةٌ لهذا أيضًا؛ فتزيد بزيادة الإنفاق وتنقص بنقصه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنَّ الله تعالى يُنْزِل المعونة على قَدْر المؤنة}(صحيح الجامع) وبالتالي فإنَّ حالتك المادِّيَّة لن تتأثَّر بهذه المؤنة أو النفقة، ولكنها ستتغيَّر حتمًا إذا شاء الله ذلك ولا تبديل لأمره سبحانه(3)، لذلك فإنَّ مِن الحِكْمَة والذكاء(4) ومِن حُسن ظنِّك بالله عزَّ وجلّ(5) وثقتك بوعده، وطاعتك لأمره(6) وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ومعرفتك بمصالحك الأبديَّة ونهايتك الحتميَّة(7) أن تنفق ما زاد عن حاجتك بأقصَى سرعة لتستفيد منه في الدنيا والآخرة قبل أن يُتلفه أمر الله تعالى(3) أو يتلفك ولا رادَّ لأمره وقضائه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {لو كان لي مثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا لَسَرَّنِي أنْ لا تمرَّ علَيَّ ثلاث ليالٍ وعندي منه شيء إلاَّ شيئًا أرصده لدَين}(متفق عليه) أي: لقضاء دَينه.
ومَن أمْسَك فإنَّما يمسك عن نفسه ويَحْرِم نفسه طاعةً للشيطان الذي يُخوِّفه الفقر } قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربِّي إذًا لأمسكتم خشية الإنفاق {(100 الإسراء) فلَيسَتْ المشكلة في قِلَّة المال وكثرة الالتزامات، بل هي في تخويف الشيطان } الشيطان يَعِدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يَعِدكم مغفرةً منه وفضلاً والله واسعٌ عليم {(268 البقرة) أفتثقون بوعد الشيطان ولا تثقون بوعد الله سبحانه وتعالى؟؟!!!.. بل إنَّ مَن أمْسَك فإنَّما يمسك شرًّا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {يا بن آدم إنَّك أنْ تبذل الفضل خيرٌ لك وأنْ تمسكه شرٌّ لك، ولا تُلام على كفاف وابدأ بمن تَعول، واليد العليا خيرٌ من اليد السفلَى}(صحيح مسلم) والفضل هو ما زاد عن الحاجة، والكفاف قَدْر الحاجة، فانتبه واحذر فإنما الخطر في التكاثر لا في الفقر، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: {ما أخشَى عليكم الفقر ولَكنِّي أخشَى عليكم التكاثر}(صحيح الجامع) وهو كثرة المال مع الحرص عليه وقلَّة النفقة، أمَّا مع التقوَى وكثرة الإنفاق وعدم الحرص فلا يُسمَّى تكاثرًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {إنَّ الله يحبُّ العبد التقيَّ الغنيَّ الخفيّ}(صحيح مسلم) والغنيّ هو المستغني بالله عن غيره سواء كان كثير المال أو قليله، والخفيّ هو الذي جعل معاملته مع الله سبحانه وتعالى وحده طلبًا وطمعًا وتوكُّلاً وعطاءً في سبيل رضاه وجنَّته.
وقد شدَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالغ في تحذير المكثرين في أحاديث عديدة منها قوله: {إنَّ المكثرين هم المقلُّون يوم القيامة إلاَّ مَن أعطاه الله خيرًا فَنَفَحَ فيه يمينه وشماله وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيرا}(متَّفق عليه) وقوله: {الأكثرون هم الأسفلون يوم القيامة إلاَّ من قال بالمال هكذا وهكذا(8) وكسبه من طيِّب}(صحيح ابن ماجه) وقوله: {إنَّ المكثرين هم الأرذلون إلاَّ مَن قال هكذا وهكذا وهكذا}(9) وقوله: {ويلٌ للمكثرين إلاَّ من قال بالمال هكذا وهكذا}(صحيح الجامع) وقوله: {هَلَكَ المكثرون، إنَّ المكثرين الأقلُّون يوم القيامة إلاَّ مَن قال بالمال هكذا وهكذا وقليلٌ ما هم}(9) ويكفيهم هلاكًا قوله صلى الله عليه وسلم: {يدخل الفقراء الجنَّة قبل الأغنياء بخمسمائة عام}(10) يقضونها في نعيمٍ عظيم، والمكثرون في حسابٍ عسير، قال الله عزَّ وجلّ في الحديث القدسي: } أعْدَدْتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعَتْ ولا خَطَرَ على قلب بشر {(متَّفق عليه).
تعليق