السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان هناك ثلاثة من الشباب الصالحين .. نحسبهم كذلك والله حسيبهم .. اتفقوا على أن يجتمعوا كل يوم قبل صلاة الفجر بساعة ليذهبوا لأحد المساجد ويصلوا ويتهجدوا إلى أذان الفجر. وذات يوم تأخر أحدهم حتى لم يبقى على الأذان إلا نصف ساعة, ولما وصلهم وركبوا معه .. إذا بهم بسيارة تمر بجانبهم تكاد تنفجر من شدة ارتفاع صوت الأغاني, فقالوا لبعضهم دعونا نلحق به .. لعل الله أن يكتب هدايته على أيدينا. وأنطلقوا وراءه بسرعة .. ومن شارع إلى شارع .. وأخذوا يؤشرون له بالأنوار, فظن أنهم يتحدونه .. ويريدون مضاربته .. فتوقف وتوقفوا ونزل وهو غضبان .. وكان طويل القامة ضخم الجثة .. ويقول لهم: ماذا تريدون .. هل تريدون أن تضاربون؟ فردوا عليه: السلام عليكم .. فقال في نفسه عجبا .. ان من يريد المضاربة لا يسلم! فرد عليهم قوله ثانية .. من منكم يريد أن يضارب؟ فردوا عليه بالسلام .. فقال وعليكم السلام. فقالوا له .. يا أخونا .. هل تعلم في أي ساعة انت؟ أنت في ساعة السحر, أنت في الساعة التي ينزل فيها الله عزوجل إلى السماء الدنيا نزولا يليق بجلالة .. فلا يدعوه عبدا من عباده الا أستجاب له .. ولا سأله شيئا إلا أعطاه اياه. فقال يبدو أنكم لا تعرفون من أنا! قالوا ومن أنت؟ قال ألم أقل لكم أنكم لم تعرفوني؟! أنا حسان الذي لم تخلق النار إلا لي .. فقالوا نعوذ بالله ما هذا الكلام .. اتق الله ولا تقنط من رحمته .. وأخذوا يذكرونه بالتوبة وأن الله رحيم بعباده وهو الغفور الرحيم. فإذا به ينفجر باكيا ويقول وهل يقبلني الله؟ وأنا من عمل المعاصي كلها .. فلا أعلم أن هناك ذنب لم أعصه به .. وأنا الآن سكران .. فهل يقبل توبتي؟ فقالوا نعم، وأن التوبة تجب ما قبلها .. قال إذا فدلوني كيف! فأخذوه وانطلقوا به الى أقرب دار لهم .. وجعلوه يغتسل ويلبس أحسن الثياب ويتطيب. ثم أنطلقوا معه إلى صلاة الفجر .. وهو يقول والله أنها أول صلاة أصليها لله منذ سنين .. واستوى في الصف .. ثم شاء الله أن يقرأ الإمام قوله تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم" آية: 53 - سورة الزمر. فإذا بحسان يبكي وينتحب .. وكلما أستمر الإمام في القراءة .. ارتفع صوت حسان بالبكاء. حتى سلم الإمام قام إليه من في المسجد يهنئونه بالتوبة. ثم خرج حسان وأصحابة من المسجد وسألوه أين أهلك؟ فقال لي أب يصلي في المسجد الفلاني يجلس في المسجد حتى طلوع الشمس .. فقالوا إذا نلحق به. فلما وصلوا المسجد وكانت الشمس قد أشرقت .. رأوا شيخا كبيرا يتهادى في مشيته .. كان حقا محتاجا إلى قوة حسان ومعاونته له, فأشار إليه حسان وقال هذا أبي .. فتوقفوا عنده ونزلوا إليه وسلموا عليه وقالوا له: يا شيخ معنا إبنك حسان .. فلما سمع اسم حسان قال: آآآآه يا حسان .. الله يحرق وجهك بالنار يا حسان .. فقالوا له استغفر الله يا شيخ .. فإنه تاب وعاد إلى الله .. وها هو يعود لكم الآن .. وفي هذه الأثناء يسقط حسان على أقدام والده يقبلها ويطلب منه السماح والعفو وهو يبكي .. فسامحه أبوه .. وعلمت أمه بتوبته .. فأحتضنته وسامحته. ومضت الأيام وحسان يتأمل حاله قبل التوبة وبعدها .. فرأى أنه أذنب ذنوب كثيرة .. وقال لنفسه يجب أن أكفر عن سيئاتي بأن أبذل كل قطرة من دمي لله سبحانه وتعالى. ثم ذهب إلى أبوه يستأذنه في الجهاد .. فقال له أبوه: يا حسان .. نحن نحمد الله أن أعادك لنا مهتديا وأنت تريد أن تذهب للجهاد؟ فألح عليه حسان في السماح له بالجهاد .. فقال له إذا وافقت أمك فأنا موافق .. ثم ذهب إلى أمه وطلب منها أن تأذن له بالجهاد .. فقالت له: يا حسان .. نحن نحمد الله أن ردك لنا .. وأنت تريد أن تذهب للقتال؟ فألح عليها فقالت له: أوافق لكن بشرط .. أن تشفع لنا عند الله يوم القيامة! ثم أخذ حسان يتدرب على القتال حتى برع فيه .. ثم توجه إلى أصحابه وطلب منهم اصطحابه معهم إلى ساحات الجهاد .. وما هي إلا أشهر حتى صار حسان يكر ويفر في ساحات القتال .. حتى جاء يوم حاصرهم فيه الكفار في الجبال وشددوا عليهم .. وأخذوا يقصفونهم بالقنابل من الطائرات حتى أن إحدى القذائف تركت كل شيء وتوجهت نحو حسان. يقول أصحابه .. ضربته القذيفة حتى رأيناه يسقط من أعلى الجبل إلى أسفله .. مرورا بالصخور الكبيرة .. فلما هدأ الوضع .. نزلنا إليه بسرعة .. فلما أتيناه فاذا هو ينزف من جميع جسمه وقد تكسرت عظامه وهو يبتسم .. فقلنا له: حسان .. فقال: اسكتوا .. فوالله إني لأسمع الحور العين ينادينني من وراء الجبل .. ثم لفظ الشهادتين .. وفاضت روحه .. هذا هو حسان الذي كان يقول: إن النار لم تخلق إلا له .. لقد قبل الله توبته .. ورزقه الشهادة.
- من محاضرة بعنوان: "من حال إلى حال" - لفضيلة الشيخ/ خالد الراشد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان هناك ثلاثة من الشباب الصالحين .. نحسبهم كذلك والله حسيبهم .. اتفقوا على أن يجتمعوا كل يوم قبل صلاة الفجر بساعة ليذهبوا لأحد المساجد ويصلوا ويتهجدوا إلى أذان الفجر. وذات يوم تأخر أحدهم حتى لم يبقى على الأذان إلا نصف ساعة, ولما وصلهم وركبوا معه .. إذا بهم بسيارة تمر بجانبهم تكاد تنفجر من شدة ارتفاع صوت الأغاني, فقالوا لبعضهم دعونا نلحق به .. لعل الله أن يكتب هدايته على أيدينا. وأنطلقوا وراءه بسرعة .. ومن شارع إلى شارع .. وأخذوا يؤشرون له بالأنوار, فظن أنهم يتحدونه .. ويريدون مضاربته .. فتوقف وتوقفوا ونزل وهو غضبان .. وكان طويل القامة ضخم الجثة .. ويقول لهم: ماذا تريدون .. هل تريدون أن تضاربون؟ فردوا عليه: السلام عليكم .. فقال في نفسه عجبا .. ان من يريد المضاربة لا يسلم! فرد عليهم قوله ثانية .. من منكم يريد أن يضارب؟ فردوا عليه بالسلام .. فقال وعليكم السلام. فقالوا له .. يا أخونا .. هل تعلم في أي ساعة انت؟ أنت في ساعة السحر, أنت في الساعة التي ينزل فيها الله عزوجل إلى السماء الدنيا نزولا يليق بجلالة .. فلا يدعوه عبدا من عباده الا أستجاب له .. ولا سأله شيئا إلا أعطاه اياه. فقال يبدو أنكم لا تعرفون من أنا! قالوا ومن أنت؟ قال ألم أقل لكم أنكم لم تعرفوني؟! أنا حسان الذي لم تخلق النار إلا لي .. فقالوا نعوذ بالله ما هذا الكلام .. اتق الله ولا تقنط من رحمته .. وأخذوا يذكرونه بالتوبة وأن الله رحيم بعباده وهو الغفور الرحيم. فإذا به ينفجر باكيا ويقول وهل يقبلني الله؟ وأنا من عمل المعاصي كلها .. فلا أعلم أن هناك ذنب لم أعصه به .. وأنا الآن سكران .. فهل يقبل توبتي؟ فقالوا نعم، وأن التوبة تجب ما قبلها .. قال إذا فدلوني كيف! فأخذوه وانطلقوا به الى أقرب دار لهم .. وجعلوه يغتسل ويلبس أحسن الثياب ويتطيب. ثم أنطلقوا معه إلى صلاة الفجر .. وهو يقول والله أنها أول صلاة أصليها لله منذ سنين .. واستوى في الصف .. ثم شاء الله أن يقرأ الإمام قوله تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم" آية: 53 - سورة الزمر. فإذا بحسان يبكي وينتحب .. وكلما أستمر الإمام في القراءة .. ارتفع صوت حسان بالبكاء. حتى سلم الإمام قام إليه من في المسجد يهنئونه بالتوبة. ثم خرج حسان وأصحابة من المسجد وسألوه أين أهلك؟ فقال لي أب يصلي في المسجد الفلاني يجلس في المسجد حتى طلوع الشمس .. فقالوا إذا نلحق به. فلما وصلوا المسجد وكانت الشمس قد أشرقت .. رأوا شيخا كبيرا يتهادى في مشيته .. كان حقا محتاجا إلى قوة حسان ومعاونته له, فأشار إليه حسان وقال هذا أبي .. فتوقفوا عنده ونزلوا إليه وسلموا عليه وقالوا له: يا شيخ معنا إبنك حسان .. فلما سمع اسم حسان قال: آآآآه يا حسان .. الله يحرق وجهك بالنار يا حسان .. فقالوا له استغفر الله يا شيخ .. فإنه تاب وعاد إلى الله .. وها هو يعود لكم الآن .. وفي هذه الأثناء يسقط حسان على أقدام والده يقبلها ويطلب منه السماح والعفو وهو يبكي .. فسامحه أبوه .. وعلمت أمه بتوبته .. فأحتضنته وسامحته. ومضت الأيام وحسان يتأمل حاله قبل التوبة وبعدها .. فرأى أنه أذنب ذنوب كثيرة .. وقال لنفسه يجب أن أكفر عن سيئاتي بأن أبذل كل قطرة من دمي لله سبحانه وتعالى. ثم ذهب إلى أبوه يستأذنه في الجهاد .. فقال له أبوه: يا حسان .. نحن نحمد الله أن أعادك لنا مهتديا وأنت تريد أن تذهب للجهاد؟ فألح عليه حسان في السماح له بالجهاد .. فقال له إذا وافقت أمك فأنا موافق .. ثم ذهب إلى أمه وطلب منها أن تأذن له بالجهاد .. فقالت له: يا حسان .. نحن نحمد الله أن ردك لنا .. وأنت تريد أن تذهب للقتال؟ فألح عليها فقالت له: أوافق لكن بشرط .. أن تشفع لنا عند الله يوم القيامة! ثم أخذ حسان يتدرب على القتال حتى برع فيه .. ثم توجه إلى أصحابه وطلب منهم اصطحابه معهم إلى ساحات الجهاد .. وما هي إلا أشهر حتى صار حسان يكر ويفر في ساحات القتال .. حتى جاء يوم حاصرهم فيه الكفار في الجبال وشددوا عليهم .. وأخذوا يقصفونهم بالقنابل من الطائرات حتى أن إحدى القذائف تركت كل شيء وتوجهت نحو حسان. يقول أصحابه .. ضربته القذيفة حتى رأيناه يسقط من أعلى الجبل إلى أسفله .. مرورا بالصخور الكبيرة .. فلما هدأ الوضع .. نزلنا إليه بسرعة .. فلما أتيناه فاذا هو ينزف من جميع جسمه وقد تكسرت عظامه وهو يبتسم .. فقلنا له: حسان .. فقال: اسكتوا .. فوالله إني لأسمع الحور العين ينادينني من وراء الجبل .. ثم لفظ الشهادتين .. وفاضت روحه .. هذا هو حسان الذي كان يقول: إن النار لم تخلق إلا له .. لقد قبل الله توبته .. ورزقه الشهادة.
- من محاضرة بعنوان: "من حال إلى حال" - لفضيلة الشيخ/ خالد الراشد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق