السلام عليكم لا شكَّ أن قضية ضعف الإيمان من القضايا المهمة التي تُقلق المؤمنين ، و يشعر المؤمن أحياناً حينما يتأمل في هذا الموضوع بنوع من الألم و نوع من الأسى.
و هناك دواعي للحديث عن هذا الموضوع الخطير الذي له آثار عظيمة على الفرد و المجتمع فمن ذلك:
1- كثير من الناس يشكو من قسوة قلبه.
2- كثرة المعاصي و المنكرات المتفشية في المجتمع.
3- قلة الخشوع و التذوق في العبادات.
4- غلبة الحرص و الشح في النفوس على الأموال.
5- كثرة أمراض القلوب التي يبتلى بها المؤمن.
6- اليأس و القنوط و الحزن من الظروف المعيشية و المصائب.
7- الأنانية و الغرور و الأثرة و الانتصار للنفس لدى بعض المسلمين.
8- انتشار التعصب القبَلي و الجنسي و كذلك البلدي و المذهبي في كثير من طوائف المسلمين.
هذه الأمور تجعل الحديث عن زيادة الإيمان و عن ضعف الإيمان في غاية من الأهمية.
هناك حقيقة إيمانية في هذا الموضوع:
قبل الشروع في بيان أسباب زيادة الإيمان و أحوال المؤمن في ذلك نتكلم عن حقيقة إيمانية في هذا الموضوع ألا وهي : اتفق أهل السنة و الجماعة على أن الإيمان يزيد بالطاعات و ينقص بالمعاصي، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (فإنه بإجماع السلف يزيد (يعني الإيمان) بالطاعة و ينقص بالمعصية). و قد دل على ذلك الكتاب في قوله تعالى:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة:124] و قد دلت السنة أيضا في جملة من الأحاديث الصحيحة، قال النبي صلى الله عليه و سلم كما ثبت في الصحيحين: (الإيمان بضع و سبعون أو بضع و ستون شعبة فأفضلها قول لا اله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ). وقد وصف النبي صلى الله عليه و سلم المرأة بنقصان الدين كما ثبت ذلك في الصحيح و الأدلة من الكتاب والسنة على هذه الحقيقة كثيرة. ومع ذلك فإن ما دل عليه الشرع مطابق للواقع و مما يستأنس به حساً أن المؤمن إذا عمل طاعة و اشتغل بذكر و أنفق صدقة أو غير ذلك من الصالحات شعر ذلك اليوم بلذة نفسية و انشراح في الصدر يعني أن هذا الأمر لا ينكره إلا مكابر.
الحديث عن حقيقة نفسية قلبية في هذا الموضوع:
فقد دلت النصوص الشرعية على أن الإيمان له لذة وحلاوة يجدها المؤمن في قلبه و روحه يأنس بها و يستروح بها ، و يتلذذ بها ، و يسكن إليها قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه من ما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) رواه البخاري، و في صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه و سلم: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا). و قد أشار القرآن إلى هذا المعنى في بعض من الآيات كما في قوله تعالى: {قل بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }[يونس:58]، قال بعض السلف من أصحاب ابن عباس: (فضل الله الإيمان و رحمته القرآن). وهذه اللذة العجيبة لا تعدلها لذة في الدنيا و لا يجدها أرباب الأموال و القصور و النساء و غيرها من متاع الدنيا الزائل لأنها لذة ربانية ناشئة عن نور الإيمان متصلة بأشرف محبوب هو الله وأشرف نعيم وهو رؤية الله و دار كرامته.
إخواني في الله و هذه اللذة أصلها في القلب و تظهر جلياً في الوجه و الجوارح فتزيده بهاءً وهيبةً و نوراً و حُليةً ، كما أن المعصية و الغفلة تظهر على المُحيا والوجه بالظلمة و الذلة و التعاسة ، كما قال الحسن البصري رحمه الله في قولته الشهيرة : (وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين، فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه).
المؤمن يعرض له ضعف الإيمان:
فقد دلت النصوص الشرعية على أن المؤمن مهما كمل إيمانه فقد يعرض له ضعف إيمان ونزول في مستوى الإيمان بسبب ذنب يلم به ، أو غفلة تحصل له أو دنيا يفتتن بها أو مخالطة الأهل والعيال أو مصاحبته لأهل الدنيا فيما لا بد منه. قال الله تعالى في وصف المؤمنين الكُمل: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ }[النجم:32]، و قد اختلف المفسرون في هذا الاستثناء على وجهين:
الوجه الأول: المعنى أن يلم بالكبيرة مرة أو مرتين ولا يداوم على فعلها.
الوجه الثاني: المقصود باللَّمَمَ في الآية، أن يقعوا في صغائر الذنوب.
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( كل بني آدم خطاء و خير الخطائين التوابون ) رواه الترمذي، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( لو لم تذنبوا لأتى الله بقوم يذنبون، ثم يستغفرون،ثم يذنبون، ثم يستغفرون ثم يقول الله لهم افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم ). يعني ما دمتم على الاستغفار و التوبة. فهذا يدل على أن المؤمن قد يعرض له ضعف الإيمان. ولا ضير في هذا مادام أنه لم يغلب على أحوال المؤمن، بل كان الغالب عليه زيادة الإيمان و الاستكثار من الصالحات بل تنقلب المعصية في حقه إلى حسنة و رفعة في الدرجات و تكفير السيئات ، إنما المذموم شرعاً أن تغلب عليه السيئات و التهاون في القيام بحق الله و حقوق الخلق حتى يكون مقصراً فاسقا هاتكا لستر الله مستخفا بعذاب الله آمنا من عذاب الله والعياذ بالله.
و الحاصل أن المؤمن له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون كثير الأَوْبة والتوبة والندم و أن يغلب عليه العمل الصالح مع وقوعه في شيء من الذنوب وهذه الحال أكمل.
الحالة الثانية: أن يكون المؤمن مسرفاً على نفسه بالذنوب و السيئات مغتراً مغروراً بالأماني والعياذ بالله متكلا على رحمة الله و رجائه و هذه هي أسوءُ الحالتين.
أسباب ضعف الإيمان وذهابه:
الأسباب كثيرة جدا فكل ما ذمه الله أو حذر منه و نهى الخلق عن إتيانه ، وكذلك ما نهى عنه رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فهو سبب إلى ضعف الإيمان و لكن نشير إلى أهمها:
1- الجهل فهو أعظم السبل لضعف الإيمان ، لأن الجاهل زاهد في فضل الطاعات لا يعرف قدر الحسنات معرض عن العمل بأسباب زيادة الإيمان.
2- ومن الأسباب التي توهن الإيمان غلبة الهوى و طول الأمل ، فغلبة الهوى أن يغلب على النفس الميل إلى الشهوات و العياذ بالله ، و طول الأمل حب الدنيا و رجاء الخلود فيها، قال علي رضي الله عنه: ‹‹ أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى و طول الأمل فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، و أما طول الأمل فينسي الآخرة ››.
3- مقارفة الكبائر و الفواحش ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كما ثبت في الصحيح : (لا يزني الزاني وهو مؤمن، و لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن). فدل ذلك على أن اقتراف الكبائر و السيئات يذهب كمال الإيمان و يضعف الإيمان.
4- كثرة تعاطي المباحات ، فالانغماس في الملذات ككثرة النوم و كثرة الأكل و الشرب وكثرة الاستمتاع وكثرة اللهو و كثرة الضحك و الاشتغال بالأمور التافهة تضعف الإيمان وتقسي القلب و قد تكلم السلف في هذا الباب كلاما طويلا.
5- التفريط في الفرائض و الواجبات فإن ذلك يقسي القلب و يضعف الإيمان و يجعل القلب سكنا للشيطان و العياذ بالله.
6- أكل المال الحرام و التساهل في الشبهات و الفتنة بالدنيا و عبادتها و الولع بها ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة). رواه البخاري. فسمى النبي صلى الله عليه و سلم من استولت الدنيا على قلبه عبدا لها.
7- الإكثار من الخلطة لكل من هب و دب ، فبعض الناس يحمله طبعه و حبه لكثرة الاجتماع على كثرة الأصحاب و شهود المجالس على الدوام مما لا يجعل له وقتاً لإصلاح فساد قلبه و السمو بإيمانه ، فهذا المسلم دائماً مضيعا لوقته بين الناس و ليس عنده وقت يخلو فيه يزكي نفسه.
8- مصاحبة السفهاء و مخالطة الفجار من المؤثرين الدنيا على الآخرة ، فإن صحبتهم و ربي تمرض القلب وتوهن الإيمان.
9- الذهاب إلى مكان المعصية و الفجور و الإقامة في البيئة الفاسدة و الرضا بذلك وكثرة مشاهدة المنكرات ، فإن ذلك يورث ضعف الإيمان و ذهاب الغيرة الشرعية فكما أن رؤية كتاب الله و رؤية الصالحين و رؤية الكعبة و رؤية المسجد و رؤية مشاهد الإيمان تزيد في الإيمان فكذلك رؤية الأشياء التي تدل على الشيطان وتحمل على السوء تذهب بهاء الوجه و تضعف الإيمان.
أسباب زيادة الإيمان:
لزيادة الإيمان أسباب كثيرة من أهمها :
1- التعرف على الله بأسمائه و صفاته و التفكر فيها ، فإن ذلك يقوي الإيمان فإذا تعرف المسلم على أسماء الله الحسنى و صفاته العلى و أفعاله الحسنة وعاداته الجميلة و تمعن في آلاء الله ونعمه على العباد و البلاد. قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[النحل:18]، وإذا تعرف المؤمن على ذلك زاد الإيمان في قلبه و عظم الرب في قلبه.
2- مما يورث زيادة الإيمان : طلب العلم النافع و شهود مجالس العلماء فإنه سبيل الخشية و الخوف من الله و يحصل به زيادة الإيمان،{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر:48].
3- الخلوة بالله و معالجة القلب و إعمار القلب بأعمال القلوب من التعظيم و المحبة و الخوف و الرجاء و التذلل و اليقين، فإن ذلك يزيد في الإيمان ومداواة القلب من الأمراض و العلل.
4- دعاء الله و سؤاله في زيادة الإيمان و الثبات عليه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما عند الحاكم: (إن الإيمان يخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم).
5- تلاوة القرآن و التدبر فيه و سماعه ممن يحسن تلاوته فإنه نور في القلب يورث الطمأنينة و الخشوع مما يكون سببا في زيادة الإيمان. قال الله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}[الأنفال:2].
6- الإكثار من الذكر، من التسبيح و التهليل و التكبير و التحميد والصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم قال الله تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].
7- قيام الليل، إذا هدأت العيون و سكنت النفوس فله أثر كبير في حصول السكينة والتلذذ والتدبر و صفاء الروح.
8- الصوم، فإنه من أعظم العبادات التي تزيد الإيمان لأنه يقطع تأثير الشهوات ولا يجعل للشيطان سبيلا على المؤمن مما يطهر القلب و يطهر الجوارح فيرتفع مستوى الإيمان قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كما ثبت في الحديث الصحيح: (الصوم جنة).
9- المواظبة على أداء الفرائض و النوافل، فإنها تحافظ على ارتفاع الإيمان وتذهب أثر الغفلة والمعصية عن قلب المؤمن.
10- الورع عن ارتكاب الكبائر و الإصرار على الصغائر، فإن مجانبة ذلك طاعة لله يورث زيادة الإيمان.
11- ترك فضول المباحات و الملذات، طمعاً بما عند الله و ابتغاء رضوانه يورث النفس سكينة فيزيد من الإيمان.
12- بذل المال و الإنفاق في سبيل الله يشرح الصدر و يرفع من الإيمان و يقويه، لأنه يدل على صدق الإيمان و المتاجرة مع الله. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (والصدقة برهان). رواه مسلم.
13- صحبة أهل الإيمان من العلماء و الزهاد و الناسكين فإن ذلك يحمل المؤمن على عمل الصالحات و زيادة الإيمان. قال الحسن البصري رحمه الله: ‹‹ إخواننا عندنا أغلى من أهلينا، أهلونا يذكروننا الدنيا و إخواننا يذكروننا الآخرة ››.
14- زيارة القبور و التفكر في حال الموتى ، فإن ذلك يحمل النفس على الندم و التوبة و التزود من الصالحات مما يرفع مستوى الإيمان.
15- التوبة و الإكثار من الاستغفار و الندم و الحسرة على الذنوب التي فعلها المؤمن فإن هذه الملامة تورث التذلل و الافتقار لله و تزيد في الإيمان.
و الحاصل أن الأسباب التي تزيد الإيمان كثيرة و قد ذكرنا أشهرها وأعظمها نفعاً بإذن الله.
وهنا أنبه على خطأ يكثر وقوعه في هذا الباب:
يوصي بعض الوعاظ ببرنامج تفصيلي لأعمال اليوم والليلة أو أعمال الأسبوع أو أعمال الشهر، و يضع جداول يكلف فيها المؤمن بالسير عليه و قياس عمله من خلال النتائج، و لا شك أن الباعث على هذا العمل هو حب الخير و الإصلاح ، و لكن هذا العمل غير مشروع و قد أنكره علماؤنا المحققون لأنه ليس له أصل في الشرع و يناقض مراد لشارع. و المشروع للداعية أن يوصي بالأعمال المشروعة حسب ما وردت في الشريعة ما كان مؤقتا وقته و ما كان مجملا ترك التفصيل فيه و أوصى به على سبيل الإجمال ثم يفعله المؤمن على حسب ظروفه و فراغه ، دون تقييد ذلك بنوع من الجداول أو التقييدات.
المؤمن الحق يتعهد إيمانه:
ينبغي على المؤمن أن يتعهد إيمانه و يقيسه و يعرف مستواه كل فترة و حال عن طريق تفقده في مواضع الطاعة و إتباع الشرع فيتفقد قلبه: عند تلاوة القرآن ، وعند الصلاة ، و عند الصدقة ، و عند رؤية المساكين و المحزونين ، فان تحرك قلبه و أقبل على فعل الطاعة فإيمانه على خير و إن لم يكن كذلك فليحزن وليعلم أن قلبه قد أصابه نوع من البلاء. وكذلك يتفقد قلبه عند مواطن الفتنة: عند الفتن و المحرمات عند الشبهات ، عند الأموال المحرمة ، و عند فعل الفواحش إلى غير ذلك ، فإن وجد نفسه على خير حمد الله و استزاد من الخير و إن وجد نفسه مضيعا استرجع و جدد إيمانه و أصلح قلبه.
وهناك مقياس آخر أيضا يتبين فيه المؤمن حال إيمانه: عن طريق طلب النصيحة و الموعظة من أخيه المؤمن ، فإن المؤمن مرآة أخيه فيطلبه النصيحة و يستنصح ممن يثق بقصده و محبته و يسأله أن يبين له حاله و أن ينصحه و أن يعظه ، و أن يبين له إن كان ثمة خلل في إيمانه أو كان قائما على شيء من الذنوب الظاهرة ، وقد كان السلف الصالح كثيرا ما يفعلون ذلك. و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم: (من سرته حسنته و ساءته سيئته فذلك المؤمن). رواه الترمذي. أما الفاجر و المنافق فلا يهتم بإيمانه و العياذ بالله و لا يشتغل به و لا يقيم له أي وزن ، لأن قلبه مشغول باللهو و الباطل و جمع حطام الدنيا عياذاً بالله. قال ابن مسعود رضي الله عنه كما في صحيح البخاري: (إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، و إن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا) أي دفعه بيده.
فالله الله إخواني في الله عز جل ، الله الله في تفقد إيمانكم و إصلاح قلوبكم و أحوالكم ، الله الله من الاستكثار من الصالحات و التزود من طلب العلم و إتباع السنة و تلاوة القرآن و الذكر ، الله الله في عمل الخيرات في الإنفاق في سبيل الله عز و جل و في نصرة المظلوم وفي دفع الحزن عن المحزون إلى غير ذلك من الأعمال الطيبة فإن الإيمان إذا زاد أصبح عند المؤمن حاجز كبير دون الوقوع في المحرمات و كبائر الذنوب ، و أصبح عنده حافز في فعل الفرائض في أوقاتها وعمل السنن و النوافل و صار عنده حافز قوي على الحرص على طلب العلم و على التزود من مجالس الإيمان. أما إذا خبا الإيمان و قل و صار ضعيفاً فإن المؤمن يصبح سريعا إلى الغفلة و الوقوع في المعصية و العياذ بالله ، زاهداً في أهل العلم ، زاهداً في مجالس الإيمان ، زاهداً في الدعوة إلى الله عز و جل ، زاهداً في عمل في الصالحات.
فأسأل الله تبارك و تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبنا و أن يرزقنا علماً نافعاً و عملاً صالحاً و قلباً شاكراً و لساناً ذاكراً و إتباعاً للسنة و عملاً صالحاً و أسأله تبارك و تعالى أن يهدينا إليه و أن يجعلنا هداة مهتدين في السر و العلن.
والله أعلم و صلى الله و سلم على النبي محمد وعلى آله و صحبه أجمعين.
منقول والسلام عليكم أخيكم العبدلله
و هناك دواعي للحديث عن هذا الموضوع الخطير الذي له آثار عظيمة على الفرد و المجتمع فمن ذلك:
1- كثير من الناس يشكو من قسوة قلبه.
2- كثرة المعاصي و المنكرات المتفشية في المجتمع.
3- قلة الخشوع و التذوق في العبادات.
4- غلبة الحرص و الشح في النفوس على الأموال.
5- كثرة أمراض القلوب التي يبتلى بها المؤمن.
6- اليأس و القنوط و الحزن من الظروف المعيشية و المصائب.
7- الأنانية و الغرور و الأثرة و الانتصار للنفس لدى بعض المسلمين.
8- انتشار التعصب القبَلي و الجنسي و كذلك البلدي و المذهبي في كثير من طوائف المسلمين.
هذه الأمور تجعل الحديث عن زيادة الإيمان و عن ضعف الإيمان في غاية من الأهمية.
هناك حقيقة إيمانية في هذا الموضوع:
قبل الشروع في بيان أسباب زيادة الإيمان و أحوال المؤمن في ذلك نتكلم عن حقيقة إيمانية في هذا الموضوع ألا وهي : اتفق أهل السنة و الجماعة على أن الإيمان يزيد بالطاعات و ينقص بالمعاصي، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (فإنه بإجماع السلف يزيد (يعني الإيمان) بالطاعة و ينقص بالمعصية). و قد دل على ذلك الكتاب في قوله تعالى:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة:124] و قد دلت السنة أيضا في جملة من الأحاديث الصحيحة، قال النبي صلى الله عليه و سلم كما ثبت في الصحيحين: (الإيمان بضع و سبعون أو بضع و ستون شعبة فأفضلها قول لا اله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ). وقد وصف النبي صلى الله عليه و سلم المرأة بنقصان الدين كما ثبت ذلك في الصحيح و الأدلة من الكتاب والسنة على هذه الحقيقة كثيرة. ومع ذلك فإن ما دل عليه الشرع مطابق للواقع و مما يستأنس به حساً أن المؤمن إذا عمل طاعة و اشتغل بذكر و أنفق صدقة أو غير ذلك من الصالحات شعر ذلك اليوم بلذة نفسية و انشراح في الصدر يعني أن هذا الأمر لا ينكره إلا مكابر.
الحديث عن حقيقة نفسية قلبية في هذا الموضوع:
فقد دلت النصوص الشرعية على أن الإيمان له لذة وحلاوة يجدها المؤمن في قلبه و روحه يأنس بها و يستروح بها ، و يتلذذ بها ، و يسكن إليها قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه من ما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) رواه البخاري، و في صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه و سلم: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا). و قد أشار القرآن إلى هذا المعنى في بعض من الآيات كما في قوله تعالى: {قل بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }[يونس:58]، قال بعض السلف من أصحاب ابن عباس: (فضل الله الإيمان و رحمته القرآن). وهذه اللذة العجيبة لا تعدلها لذة في الدنيا و لا يجدها أرباب الأموال و القصور و النساء و غيرها من متاع الدنيا الزائل لأنها لذة ربانية ناشئة عن نور الإيمان متصلة بأشرف محبوب هو الله وأشرف نعيم وهو رؤية الله و دار كرامته.
إخواني في الله و هذه اللذة أصلها في القلب و تظهر جلياً في الوجه و الجوارح فتزيده بهاءً وهيبةً و نوراً و حُليةً ، كما أن المعصية و الغفلة تظهر على المُحيا والوجه بالظلمة و الذلة و التعاسة ، كما قال الحسن البصري رحمه الله في قولته الشهيرة : (وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين، فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه).
المؤمن يعرض له ضعف الإيمان:
فقد دلت النصوص الشرعية على أن المؤمن مهما كمل إيمانه فقد يعرض له ضعف إيمان ونزول في مستوى الإيمان بسبب ذنب يلم به ، أو غفلة تحصل له أو دنيا يفتتن بها أو مخالطة الأهل والعيال أو مصاحبته لأهل الدنيا فيما لا بد منه. قال الله تعالى في وصف المؤمنين الكُمل: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ }[النجم:32]، و قد اختلف المفسرون في هذا الاستثناء على وجهين:
الوجه الأول: المعنى أن يلم بالكبيرة مرة أو مرتين ولا يداوم على فعلها.
الوجه الثاني: المقصود باللَّمَمَ في الآية، أن يقعوا في صغائر الذنوب.
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( كل بني آدم خطاء و خير الخطائين التوابون ) رواه الترمذي، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( لو لم تذنبوا لأتى الله بقوم يذنبون، ثم يستغفرون،ثم يذنبون، ثم يستغفرون ثم يقول الله لهم افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم ). يعني ما دمتم على الاستغفار و التوبة. فهذا يدل على أن المؤمن قد يعرض له ضعف الإيمان. ولا ضير في هذا مادام أنه لم يغلب على أحوال المؤمن، بل كان الغالب عليه زيادة الإيمان و الاستكثار من الصالحات بل تنقلب المعصية في حقه إلى حسنة و رفعة في الدرجات و تكفير السيئات ، إنما المذموم شرعاً أن تغلب عليه السيئات و التهاون في القيام بحق الله و حقوق الخلق حتى يكون مقصراً فاسقا هاتكا لستر الله مستخفا بعذاب الله آمنا من عذاب الله والعياذ بالله.
و الحاصل أن المؤمن له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون كثير الأَوْبة والتوبة والندم و أن يغلب عليه العمل الصالح مع وقوعه في شيء من الذنوب وهذه الحال أكمل.
الحالة الثانية: أن يكون المؤمن مسرفاً على نفسه بالذنوب و السيئات مغتراً مغروراً بالأماني والعياذ بالله متكلا على رحمة الله و رجائه و هذه هي أسوءُ الحالتين.
أسباب ضعف الإيمان وذهابه:
الأسباب كثيرة جدا فكل ما ذمه الله أو حذر منه و نهى الخلق عن إتيانه ، وكذلك ما نهى عنه رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فهو سبب إلى ضعف الإيمان و لكن نشير إلى أهمها:
1- الجهل فهو أعظم السبل لضعف الإيمان ، لأن الجاهل زاهد في فضل الطاعات لا يعرف قدر الحسنات معرض عن العمل بأسباب زيادة الإيمان.
2- ومن الأسباب التي توهن الإيمان غلبة الهوى و طول الأمل ، فغلبة الهوى أن يغلب على النفس الميل إلى الشهوات و العياذ بالله ، و طول الأمل حب الدنيا و رجاء الخلود فيها، قال علي رضي الله عنه: ‹‹ أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى و طول الأمل فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، و أما طول الأمل فينسي الآخرة ››.
3- مقارفة الكبائر و الفواحش ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كما ثبت في الصحيح : (لا يزني الزاني وهو مؤمن، و لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن). فدل ذلك على أن اقتراف الكبائر و السيئات يذهب كمال الإيمان و يضعف الإيمان.
4- كثرة تعاطي المباحات ، فالانغماس في الملذات ككثرة النوم و كثرة الأكل و الشرب وكثرة الاستمتاع وكثرة اللهو و كثرة الضحك و الاشتغال بالأمور التافهة تضعف الإيمان وتقسي القلب و قد تكلم السلف في هذا الباب كلاما طويلا.
5- التفريط في الفرائض و الواجبات فإن ذلك يقسي القلب و يضعف الإيمان و يجعل القلب سكنا للشيطان و العياذ بالله.
6- أكل المال الحرام و التساهل في الشبهات و الفتنة بالدنيا و عبادتها و الولع بها ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة). رواه البخاري. فسمى النبي صلى الله عليه و سلم من استولت الدنيا على قلبه عبدا لها.
7- الإكثار من الخلطة لكل من هب و دب ، فبعض الناس يحمله طبعه و حبه لكثرة الاجتماع على كثرة الأصحاب و شهود المجالس على الدوام مما لا يجعل له وقتاً لإصلاح فساد قلبه و السمو بإيمانه ، فهذا المسلم دائماً مضيعا لوقته بين الناس و ليس عنده وقت يخلو فيه يزكي نفسه.
8- مصاحبة السفهاء و مخالطة الفجار من المؤثرين الدنيا على الآخرة ، فإن صحبتهم و ربي تمرض القلب وتوهن الإيمان.
9- الذهاب إلى مكان المعصية و الفجور و الإقامة في البيئة الفاسدة و الرضا بذلك وكثرة مشاهدة المنكرات ، فإن ذلك يورث ضعف الإيمان و ذهاب الغيرة الشرعية فكما أن رؤية كتاب الله و رؤية الصالحين و رؤية الكعبة و رؤية المسجد و رؤية مشاهد الإيمان تزيد في الإيمان فكذلك رؤية الأشياء التي تدل على الشيطان وتحمل على السوء تذهب بهاء الوجه و تضعف الإيمان.
أسباب زيادة الإيمان:
لزيادة الإيمان أسباب كثيرة من أهمها :
1- التعرف على الله بأسمائه و صفاته و التفكر فيها ، فإن ذلك يقوي الإيمان فإذا تعرف المسلم على أسماء الله الحسنى و صفاته العلى و أفعاله الحسنة وعاداته الجميلة و تمعن في آلاء الله ونعمه على العباد و البلاد. قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[النحل:18]، وإذا تعرف المؤمن على ذلك زاد الإيمان في قلبه و عظم الرب في قلبه.
2- مما يورث زيادة الإيمان : طلب العلم النافع و شهود مجالس العلماء فإنه سبيل الخشية و الخوف من الله و يحصل به زيادة الإيمان،{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر:48].
3- الخلوة بالله و معالجة القلب و إعمار القلب بأعمال القلوب من التعظيم و المحبة و الخوف و الرجاء و التذلل و اليقين، فإن ذلك يزيد في الإيمان ومداواة القلب من الأمراض و العلل.
4- دعاء الله و سؤاله في زيادة الإيمان و الثبات عليه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما عند الحاكم: (إن الإيمان يخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم).
5- تلاوة القرآن و التدبر فيه و سماعه ممن يحسن تلاوته فإنه نور في القلب يورث الطمأنينة و الخشوع مما يكون سببا في زيادة الإيمان. قال الله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}[الأنفال:2].
6- الإكثار من الذكر، من التسبيح و التهليل و التكبير و التحميد والصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم قال الله تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].
7- قيام الليل، إذا هدأت العيون و سكنت النفوس فله أثر كبير في حصول السكينة والتلذذ والتدبر و صفاء الروح.
8- الصوم، فإنه من أعظم العبادات التي تزيد الإيمان لأنه يقطع تأثير الشهوات ولا يجعل للشيطان سبيلا على المؤمن مما يطهر القلب و يطهر الجوارح فيرتفع مستوى الإيمان قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كما ثبت في الحديث الصحيح: (الصوم جنة).
9- المواظبة على أداء الفرائض و النوافل، فإنها تحافظ على ارتفاع الإيمان وتذهب أثر الغفلة والمعصية عن قلب المؤمن.
10- الورع عن ارتكاب الكبائر و الإصرار على الصغائر، فإن مجانبة ذلك طاعة لله يورث زيادة الإيمان.
11- ترك فضول المباحات و الملذات، طمعاً بما عند الله و ابتغاء رضوانه يورث النفس سكينة فيزيد من الإيمان.
12- بذل المال و الإنفاق في سبيل الله يشرح الصدر و يرفع من الإيمان و يقويه، لأنه يدل على صدق الإيمان و المتاجرة مع الله. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (والصدقة برهان). رواه مسلم.
13- صحبة أهل الإيمان من العلماء و الزهاد و الناسكين فإن ذلك يحمل المؤمن على عمل الصالحات و زيادة الإيمان. قال الحسن البصري رحمه الله: ‹‹ إخواننا عندنا أغلى من أهلينا، أهلونا يذكروننا الدنيا و إخواننا يذكروننا الآخرة ››.
14- زيارة القبور و التفكر في حال الموتى ، فإن ذلك يحمل النفس على الندم و التوبة و التزود من الصالحات مما يرفع مستوى الإيمان.
15- التوبة و الإكثار من الاستغفار و الندم و الحسرة على الذنوب التي فعلها المؤمن فإن هذه الملامة تورث التذلل و الافتقار لله و تزيد في الإيمان.
و الحاصل أن الأسباب التي تزيد الإيمان كثيرة و قد ذكرنا أشهرها وأعظمها نفعاً بإذن الله.
وهنا أنبه على خطأ يكثر وقوعه في هذا الباب:
يوصي بعض الوعاظ ببرنامج تفصيلي لأعمال اليوم والليلة أو أعمال الأسبوع أو أعمال الشهر، و يضع جداول يكلف فيها المؤمن بالسير عليه و قياس عمله من خلال النتائج، و لا شك أن الباعث على هذا العمل هو حب الخير و الإصلاح ، و لكن هذا العمل غير مشروع و قد أنكره علماؤنا المحققون لأنه ليس له أصل في الشرع و يناقض مراد لشارع. و المشروع للداعية أن يوصي بالأعمال المشروعة حسب ما وردت في الشريعة ما كان مؤقتا وقته و ما كان مجملا ترك التفصيل فيه و أوصى به على سبيل الإجمال ثم يفعله المؤمن على حسب ظروفه و فراغه ، دون تقييد ذلك بنوع من الجداول أو التقييدات.
المؤمن الحق يتعهد إيمانه:
ينبغي على المؤمن أن يتعهد إيمانه و يقيسه و يعرف مستواه كل فترة و حال عن طريق تفقده في مواضع الطاعة و إتباع الشرع فيتفقد قلبه: عند تلاوة القرآن ، وعند الصلاة ، و عند الصدقة ، و عند رؤية المساكين و المحزونين ، فان تحرك قلبه و أقبل على فعل الطاعة فإيمانه على خير و إن لم يكن كذلك فليحزن وليعلم أن قلبه قد أصابه نوع من البلاء. وكذلك يتفقد قلبه عند مواطن الفتنة: عند الفتن و المحرمات عند الشبهات ، عند الأموال المحرمة ، و عند فعل الفواحش إلى غير ذلك ، فإن وجد نفسه على خير حمد الله و استزاد من الخير و إن وجد نفسه مضيعا استرجع و جدد إيمانه و أصلح قلبه.
وهناك مقياس آخر أيضا يتبين فيه المؤمن حال إيمانه: عن طريق طلب النصيحة و الموعظة من أخيه المؤمن ، فإن المؤمن مرآة أخيه فيطلبه النصيحة و يستنصح ممن يثق بقصده و محبته و يسأله أن يبين له حاله و أن ينصحه و أن يعظه ، و أن يبين له إن كان ثمة خلل في إيمانه أو كان قائما على شيء من الذنوب الظاهرة ، وقد كان السلف الصالح كثيرا ما يفعلون ذلك. و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم: (من سرته حسنته و ساءته سيئته فذلك المؤمن). رواه الترمذي. أما الفاجر و المنافق فلا يهتم بإيمانه و العياذ بالله و لا يشتغل به و لا يقيم له أي وزن ، لأن قلبه مشغول باللهو و الباطل و جمع حطام الدنيا عياذاً بالله. قال ابن مسعود رضي الله عنه كما في صحيح البخاري: (إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، و إن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا) أي دفعه بيده.
فالله الله إخواني في الله عز جل ، الله الله في تفقد إيمانكم و إصلاح قلوبكم و أحوالكم ، الله الله من الاستكثار من الصالحات و التزود من طلب العلم و إتباع السنة و تلاوة القرآن و الذكر ، الله الله في عمل الخيرات في الإنفاق في سبيل الله عز و جل و في نصرة المظلوم وفي دفع الحزن عن المحزون إلى غير ذلك من الأعمال الطيبة فإن الإيمان إذا زاد أصبح عند المؤمن حاجز كبير دون الوقوع في المحرمات و كبائر الذنوب ، و أصبح عنده حافز في فعل الفرائض في أوقاتها وعمل السنن و النوافل و صار عنده حافز قوي على الحرص على طلب العلم و على التزود من مجالس الإيمان. أما إذا خبا الإيمان و قل و صار ضعيفاً فإن المؤمن يصبح سريعا إلى الغفلة و الوقوع في المعصية و العياذ بالله ، زاهداً في أهل العلم ، زاهداً في مجالس الإيمان ، زاهداً في الدعوة إلى الله عز و جل ، زاهداً في عمل في الصالحات.
فأسأل الله تبارك و تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبنا و أن يرزقنا علماً نافعاً و عملاً صالحاً و قلباً شاكراً و لساناً ذاكراً و إتباعاً للسنة و عملاً صالحاً و أسأله تبارك و تعالى أن يهدينا إليه و أن يجعلنا هداة مهتدين في السر و العلن.
والله أعلم و صلى الله و سلم على النبي محمد وعلى آله و صحبه أجمعين.
منقول والسلام عليكم أخيكم العبدلله
تعليق