الحمد لله
أولاً :
اختلف العلماء في حكم التكبير بعد كل سورة ، من سورة الضحى إلى الناس ، فاستحبه الإمام أحمد ، وخالفه باقي الأئمة ؛ وعن الإمام أحمد رواية أخرى توافق قول الجمهور ، والصحيح أنه لا يشرع التكبير ، ولم يثبت هذا في حديث مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم ، كما لم يصح التكبير عن أحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم، وإنما ثبت ذلك عن بعض قراء أهل مكة.
عن عكرمة بن سليمان قال : قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين فلما بلغت ( وَالضُّحَى ) قال لي : كبِّر كبِّر عند خاتمة كل سورة حتى تختم ، وأخبره عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك ، وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك ، وأخبره ابن عباس أن أبي بن كعب أمره بذلك ، وأخبره أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بذلك .
رواه الحاكم في " المستدرك " ( 3 / 304 ) .
والحديث ضعيف ، في إسناده أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة المقرئ ، قال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، لا أُحَدِّث عنه ، وقال العقيلي : منكر الحديث ، وقال الذهبي : هذا حديث غريب ، وهو مما أنكر على البزي ، قال أبو حاتم : هذا منكر ، وقال : وصحح له الحاكم حديث التكبير ، وهو منكر .
انظر : " الضعفاء " للعقيلي ( 1 / 127 ) ، و" ميزان الاعتدال " ( 1 / 144 ، 145 ) و " سير أعلام النبلاء" ( 12 / 51 ) كلاهما للإمام الذهبي .
قال ابن مفلح الحنبلي – رحمه الله - :
" واستحب أحمد التكبير من أول سورة الضحى إلى أن يختم ، ذكره ابن تميم وغيره ، وهو قراءة أهل مكة ، أخذها البزي عن ابن كثير ، وأخذها ابن كثير عن مجاهد ، وأخذها مجاهد عن ابن عباس ، وأخذها ابن عباس عن أبيّ بن كعب ، وأخذها أبيّ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، روى ذلك جماعة منهم : البغوي في تفسيره ، والسبب في ذلك انقطاع الوحي .
وهذا حديث غريب ، رواية أحمد بن محمد بن عبد الله البزي ، وهو ثبت في القراءة ، ضعيف في الحديث .
وقال أبو حاتم الرازي : هذا حديث منكر ... .
وعنه – أي : عن الإمام أحمد - أيضاً : لا تكبير ، كما هو قول سائر القراء " انتهى .
" الآداب الشرعية " ( 2 / 295 ، 296 ) .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
عن جماعة اجتمعوا في ختمة وهم يقرؤون لعاصم وأبى عمرو فإذا وصلوا إلى سورة الضحى لم يهللوا ولم يكبروا إلى آخر الختمة ، ففعلهم ذلك هو الأفضل أم لا ؟ وهل الحديث الذي ورد في التهليل والتكبير صحيح بالتواتر أم لا ؟
فأجاب :
" الحمد لله ، نعم ، إذا قرؤوا بغير حرف ابن كثير كان تركهم لذلك هو الأفضل ، بل المشروع المسنون ؛ فإن هؤلاء الأئمة من القراء لم يكونوا يكبرون لا في أوائل السور ، ولا في أواخرها ، فإن جاز لقائل أن يقول إن ابن كثير نقل التكبير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : جاز لغيره أن يقول إن هؤلاء نقلوا تركه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ من الممتنع أن تكون قراءة الجمهور التي نقلها أكثر من قراءة ابن كثير قد أضاعوا فيها ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فإن أهل التواتر لا يجوز عليهم كتمان ما تتوفر الهمم والدواعي إلى نقله ، فمن جوَّز على جماهير القراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأهم بتكبير زائد فعصوا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتركوا ما أمرهم به : استحق العقوبة البليغة التي تردعه وأمثاله عن مثل ذلك ... .
وأما التكبير : فمن قال إنه من القرآن : فإنه ضال باتفاق الأئمة ، والواجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، فكيف مع هذا ينكر على من تركه ؟! ومن جعل تارك التكبير مبتدعاً أو مخالفاً للسنَّة أو عاصياً : فإنه إلى الكفر أقرب منه إلى الإسلام ، والواجب عقوبته ؛ بل إن أصرَّ على ذلك بعد وضوح الحجة وجب قتله .
ولو قدِّر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتكبير لبعض من أقرأه : كان غاية ذلك يدل على جوازه ، أو استحبابه ، فإنه لو كان واجباً : لما أهمله جمهور القراء ، ولم يتفق أئمة المسلمين على عدم وجوبه ، ولم ينقل أحد من أئمة الدين أن التكبير واجب ، وإنما غاية من يقرأ بحرف ابن كثير أن يقول : إنه مستحب ، وهذا خلاف البسملة ، فإن قراءتها واجبة عند من يجعلها من القرآن ، ومع هذا فالقراء يسوغون ترك قراءتها لمن لم ير الفصل بها ، فكيف لا يسوغ ترك التكبير لمن ليس داخلا في قراءته ؟ " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 13/ 417 - 419 ) .
وقال – رحمه الله - :
" والتكبير المأثور عن ابن كثير ليس هو مسنداً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسنده أحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا البزي ، وخالف بذلك سائر من نقله ، فإنهم إنما نقلوه اختياراً ممن هو دون النبي صلى الله عليه وسلم ، وانفرد هو برفعه ، وضعَّفه نقلة أهل العلم بالحديث والرجال من علماء القراءة وعلماء الحديث ، كما ذكر ذلك غير واحد من العلماء " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 17 / 130 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
بعض قراء القرآن يفصلون بين السورة والأخرى بقول " الله أكبر " دون بسملة ، هل يجوز ذلك ، وهل له دليل ؟
فأجاب :
هذا خلاف ما فعل الصحابة رضي الله عنهم من فصلهم بين كل سورة وأخرى بـ " بسم الله الرحمن الرحيم " ، وخلاف ما كان عليه أهل العلم من أنه لا يفصل بالتكبير في جميع سور القرآن .
غاية ما هناك أن بعض القراء استحب أن يكبر الإنسان عند ختم كل سورة من الضحى إلى آخر القرآن مع البسملة بين كل سورتين ، والصواب : أنه ليس بسنة ؛ لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فالمشروع أن تفصل بين كل سورة وأخرى بالبسملة " بسم الله الرحمن الرحيم " إلا في سورة " براءة " فإنه ليس بينها وبين الأنفال بسملة " انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 48 ) .
وقد ذكر الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله - في كتابه " بدع القراء " ( ص 27 ) سبعة أمور تتعلق بختم القرآن نذكر منها :
التكبير في آخر سورة الضحى إلى آخر سورة الناس داخل الصلاة أو خارجها .
ثم قال :
" فهذه الأمور السبعة : لا يصح فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن صحابته رضي الله عنهم ، وعامة ما يُروى في بعضها مما لا تقوم به الحجة ، فالصحيح عدم شرعية شيء منها " انتهى .
وألَّف شيخ المقرئين في المدينة النبوية الشيخ إبراهيم الأخضر رسالة بعنوان " تكبير الختم بين القراء والمحدثين " ، وقد ذكر في خاتمة هذه الرسالة ما نصه :
" ومن خلال ما تقدم من بحث أحوال الروايات ، وتحقيق سندها ، وتراجم رجالها : لم نجد غير رواية البزي - كما ذكر العلماء - ، وهي رواية تسلسلت بالضعفاء والمجروحين ، ولم تعضدها رواية أخرى من غير طريق البزي ، وذلك كما صرح كثير من علماء الروايات ، على أن بعضاً من مشاهير القراء كابن مجاهد في كتابه " السبعة " لم يورد التكبير ، وكذلك أبو القاسم الهذلي في كتابه " الكامل " لم يورد التكبير أيضاً ، وهذا مما يدل على عدم ثبوت الرواية عندهما ، والله أعلم ... .
وبهذا فلا نثبت سنَّة بخبر كهذا ، بل الأفضل والأولى تركه سواء في رواية البزي أو رواية غيره من القراء ، وذلك صوناً لكتاب الله ، وتجريداً له عن كل ما ليس منه ممن يظن أنه سنَّة وهو ليس بسنَّة ، والحمد لله رب العالمين " انتهى .
ثانياً :
وقد ذُكر في سبب التكبير أسباب عديدة ، أشهرها أنه صلى الله عليه وسلم كان قد انقطع عنه الوحي مدة ، فلما عاد بعد انقطاع نزل عليه بسورة الضحى ، وفيها ( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) فكبَّر فرحاً بهذا ، وهذا لو صحَّ فإنه لا يدل على استحباب التكبير الذي قال به بعض القراء ، وذلك من وجوه :
1. أنه ليس فيه تكبير من بعد كل قراءة للسورة .
2. وليس فيه أنه كبَّر إلى سورة الناس .
3. وأنه كان التكبير مرة واحدة ولسبب مجيء الوحي بعد انقطاعه .
4. وأنه ليس في كل السور الأخرى ما في سورة الضحى من معاني .
على أن هذه الرواية لم يأتِ لها سند صحيح بل ولا ضعيف .
قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :
" وذكر القرَّاء في مناسبة التكبير من بعد سورة الضحى : أنه لما تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتر تلك المدة ثم جاءه الملَك فأوحى إليه : ( وَالضُّحَى . وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ) السورة بتمامها : كبَّر فرَحاً ، وسروراً .
ولم يُروَ ذلك بإسناد يُحكم عليه بصحة أو ضعف ، فالله أعلم " انتهى .
" تفسير ابن كثير " ( 8 / 423 ) .
والله أعلم
أولاً :
اختلف العلماء في حكم التكبير بعد كل سورة ، من سورة الضحى إلى الناس ، فاستحبه الإمام أحمد ، وخالفه باقي الأئمة ؛ وعن الإمام أحمد رواية أخرى توافق قول الجمهور ، والصحيح أنه لا يشرع التكبير ، ولم يثبت هذا في حديث مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم ، كما لم يصح التكبير عن أحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم، وإنما ثبت ذلك عن بعض قراء أهل مكة.
عن عكرمة بن سليمان قال : قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين فلما بلغت ( وَالضُّحَى ) قال لي : كبِّر كبِّر عند خاتمة كل سورة حتى تختم ، وأخبره عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك ، وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك ، وأخبره ابن عباس أن أبي بن كعب أمره بذلك ، وأخبره أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بذلك .
رواه الحاكم في " المستدرك " ( 3 / 304 ) .
والحديث ضعيف ، في إسناده أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة المقرئ ، قال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، لا أُحَدِّث عنه ، وقال العقيلي : منكر الحديث ، وقال الذهبي : هذا حديث غريب ، وهو مما أنكر على البزي ، قال أبو حاتم : هذا منكر ، وقال : وصحح له الحاكم حديث التكبير ، وهو منكر .
انظر : " الضعفاء " للعقيلي ( 1 / 127 ) ، و" ميزان الاعتدال " ( 1 / 144 ، 145 ) و " سير أعلام النبلاء" ( 12 / 51 ) كلاهما للإمام الذهبي .
قال ابن مفلح الحنبلي – رحمه الله - :
" واستحب أحمد التكبير من أول سورة الضحى إلى أن يختم ، ذكره ابن تميم وغيره ، وهو قراءة أهل مكة ، أخذها البزي عن ابن كثير ، وأخذها ابن كثير عن مجاهد ، وأخذها مجاهد عن ابن عباس ، وأخذها ابن عباس عن أبيّ بن كعب ، وأخذها أبيّ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، روى ذلك جماعة منهم : البغوي في تفسيره ، والسبب في ذلك انقطاع الوحي .
وهذا حديث غريب ، رواية أحمد بن محمد بن عبد الله البزي ، وهو ثبت في القراءة ، ضعيف في الحديث .
وقال أبو حاتم الرازي : هذا حديث منكر ... .
وعنه – أي : عن الإمام أحمد - أيضاً : لا تكبير ، كما هو قول سائر القراء " انتهى .
" الآداب الشرعية " ( 2 / 295 ، 296 ) .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
عن جماعة اجتمعوا في ختمة وهم يقرؤون لعاصم وأبى عمرو فإذا وصلوا إلى سورة الضحى لم يهللوا ولم يكبروا إلى آخر الختمة ، ففعلهم ذلك هو الأفضل أم لا ؟ وهل الحديث الذي ورد في التهليل والتكبير صحيح بالتواتر أم لا ؟
فأجاب :
" الحمد لله ، نعم ، إذا قرؤوا بغير حرف ابن كثير كان تركهم لذلك هو الأفضل ، بل المشروع المسنون ؛ فإن هؤلاء الأئمة من القراء لم يكونوا يكبرون لا في أوائل السور ، ولا في أواخرها ، فإن جاز لقائل أن يقول إن ابن كثير نقل التكبير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : جاز لغيره أن يقول إن هؤلاء نقلوا تركه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ من الممتنع أن تكون قراءة الجمهور التي نقلها أكثر من قراءة ابن كثير قد أضاعوا فيها ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فإن أهل التواتر لا يجوز عليهم كتمان ما تتوفر الهمم والدواعي إلى نقله ، فمن جوَّز على جماهير القراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأهم بتكبير زائد فعصوا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتركوا ما أمرهم به : استحق العقوبة البليغة التي تردعه وأمثاله عن مثل ذلك ... .
وأما التكبير : فمن قال إنه من القرآن : فإنه ضال باتفاق الأئمة ، والواجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، فكيف مع هذا ينكر على من تركه ؟! ومن جعل تارك التكبير مبتدعاً أو مخالفاً للسنَّة أو عاصياً : فإنه إلى الكفر أقرب منه إلى الإسلام ، والواجب عقوبته ؛ بل إن أصرَّ على ذلك بعد وضوح الحجة وجب قتله .
ولو قدِّر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتكبير لبعض من أقرأه : كان غاية ذلك يدل على جوازه ، أو استحبابه ، فإنه لو كان واجباً : لما أهمله جمهور القراء ، ولم يتفق أئمة المسلمين على عدم وجوبه ، ولم ينقل أحد من أئمة الدين أن التكبير واجب ، وإنما غاية من يقرأ بحرف ابن كثير أن يقول : إنه مستحب ، وهذا خلاف البسملة ، فإن قراءتها واجبة عند من يجعلها من القرآن ، ومع هذا فالقراء يسوغون ترك قراءتها لمن لم ير الفصل بها ، فكيف لا يسوغ ترك التكبير لمن ليس داخلا في قراءته ؟ " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 13/ 417 - 419 ) .
وقال – رحمه الله - :
" والتكبير المأثور عن ابن كثير ليس هو مسنداً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسنده أحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا البزي ، وخالف بذلك سائر من نقله ، فإنهم إنما نقلوه اختياراً ممن هو دون النبي صلى الله عليه وسلم ، وانفرد هو برفعه ، وضعَّفه نقلة أهل العلم بالحديث والرجال من علماء القراءة وعلماء الحديث ، كما ذكر ذلك غير واحد من العلماء " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 17 / 130 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
بعض قراء القرآن يفصلون بين السورة والأخرى بقول " الله أكبر " دون بسملة ، هل يجوز ذلك ، وهل له دليل ؟
فأجاب :
هذا خلاف ما فعل الصحابة رضي الله عنهم من فصلهم بين كل سورة وأخرى بـ " بسم الله الرحمن الرحيم " ، وخلاف ما كان عليه أهل العلم من أنه لا يفصل بالتكبير في جميع سور القرآن .
غاية ما هناك أن بعض القراء استحب أن يكبر الإنسان عند ختم كل سورة من الضحى إلى آخر القرآن مع البسملة بين كل سورتين ، والصواب : أنه ليس بسنة ؛ لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فالمشروع أن تفصل بين كل سورة وأخرى بالبسملة " بسم الله الرحمن الرحيم " إلا في سورة " براءة " فإنه ليس بينها وبين الأنفال بسملة " انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 48 ) .
وقد ذكر الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله - في كتابه " بدع القراء " ( ص 27 ) سبعة أمور تتعلق بختم القرآن نذكر منها :
التكبير في آخر سورة الضحى إلى آخر سورة الناس داخل الصلاة أو خارجها .
ثم قال :
" فهذه الأمور السبعة : لا يصح فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن صحابته رضي الله عنهم ، وعامة ما يُروى في بعضها مما لا تقوم به الحجة ، فالصحيح عدم شرعية شيء منها " انتهى .
وألَّف شيخ المقرئين في المدينة النبوية الشيخ إبراهيم الأخضر رسالة بعنوان " تكبير الختم بين القراء والمحدثين " ، وقد ذكر في خاتمة هذه الرسالة ما نصه :
" ومن خلال ما تقدم من بحث أحوال الروايات ، وتحقيق سندها ، وتراجم رجالها : لم نجد غير رواية البزي - كما ذكر العلماء - ، وهي رواية تسلسلت بالضعفاء والمجروحين ، ولم تعضدها رواية أخرى من غير طريق البزي ، وذلك كما صرح كثير من علماء الروايات ، على أن بعضاً من مشاهير القراء كابن مجاهد في كتابه " السبعة " لم يورد التكبير ، وكذلك أبو القاسم الهذلي في كتابه " الكامل " لم يورد التكبير أيضاً ، وهذا مما يدل على عدم ثبوت الرواية عندهما ، والله أعلم ... .
وبهذا فلا نثبت سنَّة بخبر كهذا ، بل الأفضل والأولى تركه سواء في رواية البزي أو رواية غيره من القراء ، وذلك صوناً لكتاب الله ، وتجريداً له عن كل ما ليس منه ممن يظن أنه سنَّة وهو ليس بسنَّة ، والحمد لله رب العالمين " انتهى .
ثانياً :
وقد ذُكر في سبب التكبير أسباب عديدة ، أشهرها أنه صلى الله عليه وسلم كان قد انقطع عنه الوحي مدة ، فلما عاد بعد انقطاع نزل عليه بسورة الضحى ، وفيها ( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) فكبَّر فرحاً بهذا ، وهذا لو صحَّ فإنه لا يدل على استحباب التكبير الذي قال به بعض القراء ، وذلك من وجوه :
1. أنه ليس فيه تكبير من بعد كل قراءة للسورة .
2. وليس فيه أنه كبَّر إلى سورة الناس .
3. وأنه كان التكبير مرة واحدة ولسبب مجيء الوحي بعد انقطاعه .
4. وأنه ليس في كل السور الأخرى ما في سورة الضحى من معاني .
على أن هذه الرواية لم يأتِ لها سند صحيح بل ولا ضعيف .
قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :
" وذكر القرَّاء في مناسبة التكبير من بعد سورة الضحى : أنه لما تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتر تلك المدة ثم جاءه الملَك فأوحى إليه : ( وَالضُّحَى . وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ) السورة بتمامها : كبَّر فرَحاً ، وسروراً .
ولم يُروَ ذلك بإسناد يُحكم عليه بصحة أو ضعف ، فالله أعلم " انتهى .
" تفسير ابن كثير " ( 8 / 423 ) .
والله أعلم
تعليق