يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين: «هذه ثلاثة أشياء تبعث المتلبس بها على الصبر في البلاء:
إحداها:
«ملاحظة حسن الجزاء»:
وعلى حسب ملاحظته والوثوق به ومطالعته، يخف حمل البلاء لشهود العوض، وما أقدم أحد على تحمل مشقة عاجلة إلا لثمرة موجلة، فالنفس موكلة بحب العاجل، وإنما خاصة العقل: تلمح العواقب، ومطالعة الغايات، وأجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من رافق الراحة فارق الراحة، وحصل على المشقة وقت الراحة، فإنه على قدر التعب تكون الراحة.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكريم الكرائم
ويكبر في عين الصغير صغيرها
وتصغر في عين العظيم العظائم
والقصد: أن ملاحظة حسن العاقبة تعين على الصبر فيما تتحمله باختيارك وغير اختيارك.
والثاني: «انتظار روح الفرج»: يعني راحته ونسيمه ولذته، فإن انتظاره ومطالعته وترقبه يخفف حمل المشقة، ولا سيما عند قوة الرجاء؛ فإنه يجد في حشو البلاء من روح الفرج ونسيمه وراحته ما هو خفي الألطاف، وما هو فرج معجل وبه وبغيره يفهم معنى اسمه: «اللطيف».
وكم لله من لطف خفي
يدق خفاه عن فهم الذكي
والثالث:
«تهوين البلية» بأمرين:
أحدهما:
أن يعد نعم الله عليه وأياديه عنده، فإذا عجز عن عدها، وأيس من حصرها، هان عليه ما هو فيه من البلاء ورآه – بالنسبة إلى أيادي الله ونعمه – كقطرة من بحر.
الثاني: تذكر سوالف النعم التي أنعم الله بها عليه، فهذا يتعلق بالماضي، وتعداد أيادي المنن: يتعلق بالحال، وملاحظة حسن الجزاء، وانتظار روح الفرج، يتعلق بالمستقبل، وأحدهما في الدنيا، والثاني يوم الجزاء». [مدارج السالكين 12/166-167]
إنما يعوض الله من صبر
مما يسلي أهل المصائب: أن المصاب إذا صبر واحتسب، وركن إلى كريم، رجاء أن يخلف الله تعالى عليه، ويعوضه عن مصابه، فإن الله تعالى لا يخيبه بل يعوضه، فإنه من كل شيء عوض إلا الله تعالى فما عوض، كما قيل:
من كل شيء إذا ضيعته عوض
وما من الله إن ضيعته عوض
بل يعلم أن حظه من المصيبة ما يحدث له، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط، فاختر لنفسك خير الحظوظ أو شرها، فإن أحدثت له سخطًا وكفرًا كنت في ديوان الهالكين، وإن أحدثت له جزعًا وتفريطًا في ترك واجب أو فعل محرم كنت في ديوان المفرطين، وإن أحدثت له شكاية وعدم صبر ورضى كنت في ديوان المغبونين، وإن أحدثت له اعتراضًا عليه وقدحًا في حكمته ومجادلة في الأقدار، فقد قرعت باب الزندقة، وفتح لك وولجته فاحذر عذاب الله أن يحل بك، فإنه لمن خالفه بالمرصاد.
وإن أحدثت له صبرًا وثباتًا لله كنت في ديوان الصابرين، وإن أحدثت له رضى بالله ورضى عن الله وفرحًا بقضائه كنت في ديوان الراضين، وإن أحدثت له حمدًا وشكرًا كنت في ديوان الشاكرين الحامدين، وإن أحدثت له حمدًا واشتياقًا إلى لقائه كنت في ديوان المحبين المخلصين.
وفي مسند الإمام أحمد والترمذي، من حديث محمود بن لبيد، أن النبي قال: «إن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط».
زاد الإمام أحمد: «ومن جزع فله الجزع».
فأنفع الأدوية للمصاب موافقة ربه وإلهه فيما أحبه ورضيه له، وإن خاصية المحبة وسرها موافقة المحبوب..
فمن ادعى محبة محبوب، ثم سخط ما يحبه، وأحب ما يسخطه، فقد شهد على نفسه بكذبه، وأسخط عليه محبوبه.
قال أبو الدرداء : «إن الله إذا قضى قضاءً أحب أن يرضى به».
وكان عمران بن حصين يقول في مرضه: «أحبه إلي أحبه إليه».
وقال بعده أبو العالية: «وهذا دواء المحبين وعلاجهم لأنفسهم، ولا يمكن كل أحد أن يتعالج به، فانظر هذه الطرائق واختر وفقنا الله وإياك لما يحب» [تسلية أهل المصائب].
إحداها:
«ملاحظة حسن الجزاء»:
وعلى حسب ملاحظته والوثوق به ومطالعته، يخف حمل البلاء لشهود العوض، وما أقدم أحد على تحمل مشقة عاجلة إلا لثمرة موجلة، فالنفس موكلة بحب العاجل، وإنما خاصة العقل: تلمح العواقب، ومطالعة الغايات، وأجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من رافق الراحة فارق الراحة، وحصل على المشقة وقت الراحة، فإنه على قدر التعب تكون الراحة.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكريم الكرائم
ويكبر في عين الصغير صغيرها
وتصغر في عين العظيم العظائم
والقصد: أن ملاحظة حسن العاقبة تعين على الصبر فيما تتحمله باختيارك وغير اختيارك.
والثاني: «انتظار روح الفرج»: يعني راحته ونسيمه ولذته، فإن انتظاره ومطالعته وترقبه يخفف حمل المشقة، ولا سيما عند قوة الرجاء؛ فإنه يجد في حشو البلاء من روح الفرج ونسيمه وراحته ما هو خفي الألطاف، وما هو فرج معجل وبه وبغيره يفهم معنى اسمه: «اللطيف».
وكم لله من لطف خفي
يدق خفاه عن فهم الذكي
والثالث:
«تهوين البلية» بأمرين:
أحدهما:
أن يعد نعم الله عليه وأياديه عنده، فإذا عجز عن عدها، وأيس من حصرها، هان عليه ما هو فيه من البلاء ورآه – بالنسبة إلى أيادي الله ونعمه – كقطرة من بحر.
الثاني: تذكر سوالف النعم التي أنعم الله بها عليه، فهذا يتعلق بالماضي، وتعداد أيادي المنن: يتعلق بالحال، وملاحظة حسن الجزاء، وانتظار روح الفرج، يتعلق بالمستقبل، وأحدهما في الدنيا، والثاني يوم الجزاء». [مدارج السالكين 12/166-167]
إنما يعوض الله من صبر
مما يسلي أهل المصائب: أن المصاب إذا صبر واحتسب، وركن إلى كريم، رجاء أن يخلف الله تعالى عليه، ويعوضه عن مصابه، فإن الله تعالى لا يخيبه بل يعوضه، فإنه من كل شيء عوض إلا الله تعالى فما عوض، كما قيل:
من كل شيء إذا ضيعته عوض
وما من الله إن ضيعته عوض
بل يعلم أن حظه من المصيبة ما يحدث له، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط، فاختر لنفسك خير الحظوظ أو شرها، فإن أحدثت له سخطًا وكفرًا كنت في ديوان الهالكين، وإن أحدثت له جزعًا وتفريطًا في ترك واجب أو فعل محرم كنت في ديوان المفرطين، وإن أحدثت له شكاية وعدم صبر ورضى كنت في ديوان المغبونين، وإن أحدثت له اعتراضًا عليه وقدحًا في حكمته ومجادلة في الأقدار، فقد قرعت باب الزندقة، وفتح لك وولجته فاحذر عذاب الله أن يحل بك، فإنه لمن خالفه بالمرصاد.
وإن أحدثت له صبرًا وثباتًا لله كنت في ديوان الصابرين، وإن أحدثت له رضى بالله ورضى عن الله وفرحًا بقضائه كنت في ديوان الراضين، وإن أحدثت له حمدًا وشكرًا كنت في ديوان الشاكرين الحامدين، وإن أحدثت له حمدًا واشتياقًا إلى لقائه كنت في ديوان المحبين المخلصين.
وفي مسند الإمام أحمد والترمذي، من حديث محمود بن لبيد، أن النبي قال: «إن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط».
زاد الإمام أحمد: «ومن جزع فله الجزع».
فأنفع الأدوية للمصاب موافقة ربه وإلهه فيما أحبه ورضيه له، وإن خاصية المحبة وسرها موافقة المحبوب..
فمن ادعى محبة محبوب، ثم سخط ما يحبه، وأحب ما يسخطه، فقد شهد على نفسه بكذبه، وأسخط عليه محبوبه.
قال أبو الدرداء : «إن الله إذا قضى قضاءً أحب أن يرضى به».
وكان عمران بن حصين يقول في مرضه: «أحبه إلي أحبه إليه».
وقال بعده أبو العالية: «وهذا دواء المحبين وعلاجهم لأنفسهم، ولا يمكن كل أحد أن يتعالج به، فانظر هذه الطرائق واختر وفقنا الله وإياك لما يحب» [تسلية أهل المصائب].
تعليق