بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك بعد سبعة أيام من خروجه من المدينة، وكان عليه الصلاة والسلام قد اشرف على الستين من عمره، ومع ذلك كان أكثر رجال جيشه قوة وحيوية . كان السكان يقابلون جيش المسلمين بالمودة والترحاب، إذ طالما كرهوا الرومان وظلمهم وقسوتهم، بينما عرف المسلمون بالعدل والاحسان . وراح الجنود يعالجون اقدامهم المقروحة المكدودة بعد أن القى الله الرعب في قلوب الرومان فآثروا السلامة على القتال، ففي غزوة مؤتة فعل ثلاثة آلاف من المسلمين بهم الأفاعيل، فهل يغامرون بتجربة أخرى أمام ثلاثين الفاً على رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
ذاب الجيش الروماني الضخم ذوبان الملح في الماء، فلم يظهر له أو لقائده هرقل أثر .
وسجا الليل، ونام الناس، وهدأت الحركة، وراح عبدالله بن مسعود يتقلب في نومه، وأحس حركة خفية من حوله لم يعرف مصدرها، ففتح عينيه واجالهما فيما حوله، وفي البعيد البعيد رأى شعلة نار فقام ينظر ما أمرها، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما وإذا عبدالله ذو البجادين قد مات بالحمى، واذا هم قد حفروا له، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته، وأبو بكر وعمر يدليانه وهو يقول: “أدليا الي اخاكما”، فأدلياه اليه صلى الله عليه وسلم، فلما هيأه قال: “اللهم قد أمسيت راضياً عنه، فارض عنه” .
وعاد عبدالله بن مسعود وهو يردد في نفسه: يا ليتني كنت صاحب الحفرة، يا ليتني كنت صاحب الحفرة .