وماذا عن دعوته المسيحيّين إلى الإسلام ؟
قال ابنُ إسحاق ، نقلاً عن كتابه السّيرة النَّبويَّة مع تصرّف بسيط في سَرْد القصَّة : لَمَّا هاجر النَّبيُّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم إلى المدينة ، قدم عليه وَفْدٌ من نصارى نجران ، وهي مدينة على وادي نجران ، على الحدود بين اليمن والسّعوديَّة .
وكان الوَفْدُ يتكوَّنُ من ستّين رجلاً ، فيهم أربعة عشَر من أشرافهم ، منهم ثلاثةٌ يعودُ أمْرُهُم إليهم ، وهم :
- العاقِب : وهو أميرُ القوم وذُو رأْيهم وصاحبُ مَشُورتهم والذي لا يَصْدرون إلاَّ عن رَأْيه .
- والسَّيّد : وهو الذي يُشْرف على رحْلِهم وشؤونهم ويَقوم بأمورهم .
- وأبو حارثة بن علْقَمة : وهو أسْقُفُهم ، وكان قد شرُفَ فيهم ودَرَسَ كُتُبَهم حتَّى حسُنَ عِلْمُه في دينهم ، فشرَّفَتْه ملُوكُ الرُّوم من أهْل النّصْرانيَّة ومَوَّلُوه ، وبَنَوْا له الكنائس لِمَا بَلَغَهم عنه من عِلْمه واجْتهاده في دينهم .
وكانَ هذا الوفدُ يشتملُ على ثلاث فِرَق النّصرانيَّة :
- فرقةٌ يقولُون بأنَّ المسيح هو الله ، ويحتجُّون على ذلك بأنَّه كانَ يُحْيِي الموتَى ، ويُبرئُ المرضَى .
- وفرقةٌ يقولُون بأنَّ المسيح ابنُ الله ، ويحتجُّون على ذلك بأنَّه لم يكن له أب ، وأنّه تكلَّم في المهْد .
- وفرقةٌ يقولُون بأنَّ المسيح ثالثُ ثلاثة ، هو ومريم والله ، ويحتجُّون على ذلك بقول الله : فَعلْنا ، وأمَرْنا ، وخلَقْنا ، ولو كان اللهُ واحدًا لقال : فعلتُ ، وقضيْتُ ، وأمرْتُ ! تعالى الله عن قولهم عُلُوّا كبيرًا ، وقد ردَّ القرآن الكريم على كلّ ذلك .
فلَمَّا كان الوفْدُ في الطَّريق ، عَثَرتْ بغْلَةُ أبي حارثة ، وإلى جانبه أخٌ له اسمُه كُرز بن علْقَمة ، فقال كُرْز : تَعِسَ الأبْعَد (يَقصد محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم) ، فقال أبو حارثة : بل أنتَ تَعِسْتَ ! قال : ولِمَ يا أخي ؟! قال : واللهِ إنَّه لَلنَّبيُّ الذي كُنَّا نَنتظِرْ ! قال : وما يَمنعُك من الإيمان به وأنت تعلَم هذا ؟! قال : ما يَمنعُني هو ما صنعَ بنا هؤلاء القوم (يقصدُ نصارى نجران ونصارى الرُّوم) ، شَرَّفُونا ومَوَّلُونا وأكْرمُونا ، وقد أبَوْا إلاَّ خلاف محمَّد ، فلو آمنْتُ به ، نَزعُوا منَّا كُلَّ ما ترى !
وقد كانت هذه الحادثة سببًا في إسلام كُرْز بن عَلْقَمة بعد ذلك ، فكان يتحدَّثُ بها .
فلمَّا وصلَ وَفدُ نَجْران إلى المدينة ، دخلُوا على النَّبيّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم في مسجده حين صلَّى العصْر ، وقد حانتْ صلاتُهم ، فقامُوا يُصلُّون في المسجد ، فقالَ النَّبيّ : دَعُوهم ، فصلَّوْا إلى المشرق .
فلمَّا انْتَهَوْا ، قال لهم النَّبيُّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم : أسْلِمُوا، قالُوا : قد أسلَمْنا ، قال : إنَّكُم لم تُسلِمُوا ، قالُوا : بلَى قدْ أسْلَمْنا قبْلَك ، قال : كذبْتُم ، يَمْنعُكُم من الإسلام ادّعاؤكُم أنَّ للَّه ولدًا ، وعِبادتكم الصَّليب ، وأكْلكُم الخِنْزير . قالُوا : فمَنْ أبُوه يا محمَّد (يقصدون مَنْ أبُ المسيح عليه السَّلام) ؟ فصمَتَ عنهم ولم يُجِبْهم .
وأنزلَ اللهُ تعالى جزءًا من سورة آل عمران للرَّدّ على نصارى وفد نجران ، وهو أيضًا ردٌّ على المسيحيّين عُمومًا إلى آخر الزَّمان .
يقول الله تعالى : { الم 1 الله لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ 2 نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ 3 مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بآيَاتِ الله لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالله عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ 4 إِنَّ الله لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ 5 هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 6 } (3- آل عمران 1-6) .
فإذا كان المسيحيّون يَعترفُون بأنَّ المسيح عليه السَّلام صُوّر في الرَّحِم وتقلَّب فيه مثل كلّ النَّاس ، فكيفَ يتَّخِذونه إلهًا أو يدَّعون أنَّه ابنُ الله ؟!
ثمَّ قال تعالى : { شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 18 إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ الله الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ الله فَإِنَّ الله سَرِيعُ الْحِسَابِ 19 فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَالله بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ 20 } (3- آل عمران 18-20) .
وهذا تأكيدٌ جديد على أنَّ اللهَ واحدٌ لا إله غيره ، وأنَّ الدّين واحدٌ وهو الإسلام ، وأنَّ محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم مبعُوثٌ إلى كلّ النَّاس ، بما فيهم اليهود والمسيحيّين ، لذلك أمَرهُ الله تعالى أن يَدْعوهم أيضًا إلى الإسلام .
ثمَّ قال تعالى : { إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ 45 وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ 46 قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ الله يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 47 وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ 48 وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ الله وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ الله وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ 49 وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا الله وَأَطِيعُونِ 50 إِنَّ الله رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ 51 فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى الله قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ الله آمَنَّا بِالله وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ 52 رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ 53 وَمَكَرُوا وَمَكَرَ الله وَالله خَيْرُ الْمَاكِرِينَ 54 إِذْ قَالَ الله يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ 55 فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ 56 وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَالله لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ 57 ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ 58 إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 59 الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ 60 } (3- آل عمران 45-60) .
هذه مرَّةً أخرى حقيقة المسيح عيسَى عليه السَّلام ، كما فَصَّلَها اللهُ تعالى في هذا الموضع وفي مواضع أخرى من القرآن الكريم . فبالله عليك أيّها الضّيف الكريم ، أليسَ هذا القول هو الأقرب إلى المنطِق ؟! أليسَ هو الأحقّ بالتَّصديق والاتّباع ؟!
ثمَّ قال تعالى : { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ 61 } (3- آل عمران 61) .
وهذا أمرٌ من الله تعالى إلى نبيّه محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم أن يَدْعُو وَفْدَ نَصارى نجران إلى المُباهَلَة (أي المُلاعَنة ، بالطَّريقة التي فصَّلَتْها الآية) ، إذا هم لم يُسلِمُوا وأصرُّوا على عقيدتهم الخاطئة بخصوص المسيح عليه السَّلام ، مِن بَعْد ما جاءهُم قَوْلُ الله تعالى فيه .
فقَرَأ النَّبيُّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم على الوَفْد الآيات التي نزلَتْ عليه من سورة آل عمران ، ودعاهُم إلى المُباهلَة .
فقالُوا له : يا أبا القاسم ، دَعْنَا نَنْظُر في أمْرِنَا ثمَّ نأْتيكَ بما نُريد أن نَفْعلَ فيما دَعَوْتَنا إليه . فانْصَرفُوا عنه ، ثمَّ خَلَوْا بالعاقِب ، وكان ذَا رأْيهِم ، فقالُوا : يا عبْدَ المسيح ، ماذا تَرَى ؟
قال : واللهِ يا معْشَر النَّصارى لقد عرفْتُم أنَّ محمَّدًا لَنَبيٌّ مُرْسَل ، ولقد جاءكُم بالفَصْل من خَبَر صاحبكُم (أي جاءكُم بالقول الحقّ بخصوص المسيح عيسى عليه السَّلام) ، ولقدْ علِمْتُم ما لاَعَنَ قومٌ نبيّا قَطُّ فبَقِيَ كبيرُهم ولا نَبتَ صغيرُهم ، وإنَّه لَلاسْتِئْصَالُ لكُم إن فعَلْتُم . فإن كنتُم قد أبَيْتُم إلاَّ إِلْفَ دِينكُم والإقامَة على ما أنْتُم عليه من القَوْل في صاحِبكُم ، فَوَادِعُوا الرَّجُلَ ثمَّ انْصَرِفُوا إلى بلادِكُم .
وقد روى الإمام أحمد حديثًا بخصوص المُباهلَة ، يؤكّد كلام العاقب . فعن ابن عبَّاس رضي الله عنه ، قال : قال أبو جهل (رأسُ المشركين في قريش) : لَئِنْ رأيتُ محمَّدًا يُصلّي عند الكعبة، لآتِيَنَّه حتَّى أطَأَ على عُنُقه . فقالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم : لو فعلَ ، لَأخذَتْه الملائكةُ عِيَانًا ، ولو أنَّ اليهودَ تَمَنَّوا الموتَ ، لَماتُوا ولَرَأوْا مَقاعِدَهم في النَّار ، ولو خرجَ الذينَ يُباهِلُون رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، لَرَجعُوا لا يجدُون مالاً ولا أهلاً ! (مسند الإمام أحمد بن حنبل - الجزء 1 - ص 248 - رقم الحديث 2225) .
فأخذ الوفدُ إذًا برأي العاقب ، وأتَوْا رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، فقالُوا : يا أبا القاسم ، قد رأيْنَا ألاَّ نُلاعِنَك ، وأن نَترُكَك على دِينِكَ ونبقَى على دِيننا . ولكن ابْعَثْ معنا رجلاً من أصحابك ترضاهُ لنا ، يَحكُم بيننا في أشياءَ اخْتَلَفْنا فيها من أموَالنا ، فإنَّكُم عندنا رِضًى . فقال النَّبيّ : ائْتُوني العَشِيَّةَ ، أبْعَثْ معكُم القَويَّ الأمين .
فكانَ عمر بن الخطَّاب يقول : ما أحببْتُ الإمارةَ قَطُّ حُبّي إيَّاها يَوْمَئذ، رجاءَ أن أكون صاحِبَها . فرُحْتُ إلى صلاة الظُّهر مُبَكّرًا ، فلمَّا صلَّى بنا رسولُ الله الظُّهرَ ، سَلَّم ، ثمَّ نَظَر عن يَمينه ويَساره ، فجعَلْتُ أتَطاولُ له لِيَراني ، فلَمْ يَزلْ يَلْتَمسُ ببَصَره حتَّى رأى أبا عُبَيْدة بن الجرَّاح ، فدَعاه وقال : اخْرُجْ معهم ، فاقْضِ بينهم بالحقّ فيما اخْتَلَفُوا فيه .
قال عمر : فذهبَ بها أبو عُبَيْدة .
هذه إذًا قصَّة وَفْد نصارى نجران ، وهي كافيةٌ لِلرَّدّ على كلّ المسيحيّين إلى آخر الزَّمان .
قال ابنُ إسحاق ، نقلاً عن كتابه السّيرة النَّبويَّة مع تصرّف بسيط في سَرْد القصَّة : لَمَّا هاجر النَّبيُّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم إلى المدينة ، قدم عليه وَفْدٌ من نصارى نجران ، وهي مدينة على وادي نجران ، على الحدود بين اليمن والسّعوديَّة .
وكان الوَفْدُ يتكوَّنُ من ستّين رجلاً ، فيهم أربعة عشَر من أشرافهم ، منهم ثلاثةٌ يعودُ أمْرُهُم إليهم ، وهم :
- العاقِب : وهو أميرُ القوم وذُو رأْيهم وصاحبُ مَشُورتهم والذي لا يَصْدرون إلاَّ عن رَأْيه .
- والسَّيّد : وهو الذي يُشْرف على رحْلِهم وشؤونهم ويَقوم بأمورهم .
- وأبو حارثة بن علْقَمة : وهو أسْقُفُهم ، وكان قد شرُفَ فيهم ودَرَسَ كُتُبَهم حتَّى حسُنَ عِلْمُه في دينهم ، فشرَّفَتْه ملُوكُ الرُّوم من أهْل النّصْرانيَّة ومَوَّلُوه ، وبَنَوْا له الكنائس لِمَا بَلَغَهم عنه من عِلْمه واجْتهاده في دينهم .
وكانَ هذا الوفدُ يشتملُ على ثلاث فِرَق النّصرانيَّة :
- فرقةٌ يقولُون بأنَّ المسيح هو الله ، ويحتجُّون على ذلك بأنَّه كانَ يُحْيِي الموتَى ، ويُبرئُ المرضَى .
- وفرقةٌ يقولُون بأنَّ المسيح ابنُ الله ، ويحتجُّون على ذلك بأنَّه لم يكن له أب ، وأنّه تكلَّم في المهْد .
- وفرقةٌ يقولُون بأنَّ المسيح ثالثُ ثلاثة ، هو ومريم والله ، ويحتجُّون على ذلك بقول الله : فَعلْنا ، وأمَرْنا ، وخلَقْنا ، ولو كان اللهُ واحدًا لقال : فعلتُ ، وقضيْتُ ، وأمرْتُ ! تعالى الله عن قولهم عُلُوّا كبيرًا ، وقد ردَّ القرآن الكريم على كلّ ذلك .
فلَمَّا كان الوفْدُ في الطَّريق ، عَثَرتْ بغْلَةُ أبي حارثة ، وإلى جانبه أخٌ له اسمُه كُرز بن علْقَمة ، فقال كُرْز : تَعِسَ الأبْعَد (يَقصد محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم) ، فقال أبو حارثة : بل أنتَ تَعِسْتَ ! قال : ولِمَ يا أخي ؟! قال : واللهِ إنَّه لَلنَّبيُّ الذي كُنَّا نَنتظِرْ ! قال : وما يَمنعُك من الإيمان به وأنت تعلَم هذا ؟! قال : ما يَمنعُني هو ما صنعَ بنا هؤلاء القوم (يقصدُ نصارى نجران ونصارى الرُّوم) ، شَرَّفُونا ومَوَّلُونا وأكْرمُونا ، وقد أبَوْا إلاَّ خلاف محمَّد ، فلو آمنْتُ به ، نَزعُوا منَّا كُلَّ ما ترى !
وقد كانت هذه الحادثة سببًا في إسلام كُرْز بن عَلْقَمة بعد ذلك ، فكان يتحدَّثُ بها .
فلمَّا وصلَ وَفدُ نَجْران إلى المدينة ، دخلُوا على النَّبيّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم في مسجده حين صلَّى العصْر ، وقد حانتْ صلاتُهم ، فقامُوا يُصلُّون في المسجد ، فقالَ النَّبيّ : دَعُوهم ، فصلَّوْا إلى المشرق .
فلمَّا انْتَهَوْا ، قال لهم النَّبيُّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم : أسْلِمُوا، قالُوا : قد أسلَمْنا ، قال : إنَّكُم لم تُسلِمُوا ، قالُوا : بلَى قدْ أسْلَمْنا قبْلَك ، قال : كذبْتُم ، يَمْنعُكُم من الإسلام ادّعاؤكُم أنَّ للَّه ولدًا ، وعِبادتكم الصَّليب ، وأكْلكُم الخِنْزير . قالُوا : فمَنْ أبُوه يا محمَّد (يقصدون مَنْ أبُ المسيح عليه السَّلام) ؟ فصمَتَ عنهم ولم يُجِبْهم .
وأنزلَ اللهُ تعالى جزءًا من سورة آل عمران للرَّدّ على نصارى وفد نجران ، وهو أيضًا ردٌّ على المسيحيّين عُمومًا إلى آخر الزَّمان .
يقول الله تعالى : { الم 1 الله لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ 2 نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ 3 مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بآيَاتِ الله لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالله عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ 4 إِنَّ الله لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ 5 هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 6 } (3- آل عمران 1-6) .
فإذا كان المسيحيّون يَعترفُون بأنَّ المسيح عليه السَّلام صُوّر في الرَّحِم وتقلَّب فيه مثل كلّ النَّاس ، فكيفَ يتَّخِذونه إلهًا أو يدَّعون أنَّه ابنُ الله ؟!
ثمَّ قال تعالى : { شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 18 إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ الله الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ الله فَإِنَّ الله سَرِيعُ الْحِسَابِ 19 فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَالله بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ 20 } (3- آل عمران 18-20) .
وهذا تأكيدٌ جديد على أنَّ اللهَ واحدٌ لا إله غيره ، وأنَّ الدّين واحدٌ وهو الإسلام ، وأنَّ محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم مبعُوثٌ إلى كلّ النَّاس ، بما فيهم اليهود والمسيحيّين ، لذلك أمَرهُ الله تعالى أن يَدْعوهم أيضًا إلى الإسلام .
ثمَّ قال تعالى : { إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ 45 وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ 46 قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ الله يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 47 وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ 48 وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ الله وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ الله وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ 49 وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا الله وَأَطِيعُونِ 50 إِنَّ الله رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ 51 فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى الله قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ الله آمَنَّا بِالله وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ 52 رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ 53 وَمَكَرُوا وَمَكَرَ الله وَالله خَيْرُ الْمَاكِرِينَ 54 إِذْ قَالَ الله يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ 55 فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ 56 وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَالله لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ 57 ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ 58 إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 59 الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ 60 } (3- آل عمران 45-60) .
هذه مرَّةً أخرى حقيقة المسيح عيسَى عليه السَّلام ، كما فَصَّلَها اللهُ تعالى في هذا الموضع وفي مواضع أخرى من القرآن الكريم . فبالله عليك أيّها الضّيف الكريم ، أليسَ هذا القول هو الأقرب إلى المنطِق ؟! أليسَ هو الأحقّ بالتَّصديق والاتّباع ؟!
ثمَّ قال تعالى : { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ 61 } (3- آل عمران 61) .
وهذا أمرٌ من الله تعالى إلى نبيّه محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم أن يَدْعُو وَفْدَ نَصارى نجران إلى المُباهَلَة (أي المُلاعَنة ، بالطَّريقة التي فصَّلَتْها الآية) ، إذا هم لم يُسلِمُوا وأصرُّوا على عقيدتهم الخاطئة بخصوص المسيح عليه السَّلام ، مِن بَعْد ما جاءهُم قَوْلُ الله تعالى فيه .
فقَرَأ النَّبيُّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم على الوَفْد الآيات التي نزلَتْ عليه من سورة آل عمران ، ودعاهُم إلى المُباهلَة .
فقالُوا له : يا أبا القاسم ، دَعْنَا نَنْظُر في أمْرِنَا ثمَّ نأْتيكَ بما نُريد أن نَفْعلَ فيما دَعَوْتَنا إليه . فانْصَرفُوا عنه ، ثمَّ خَلَوْا بالعاقِب ، وكان ذَا رأْيهِم ، فقالُوا : يا عبْدَ المسيح ، ماذا تَرَى ؟
قال : واللهِ يا معْشَر النَّصارى لقد عرفْتُم أنَّ محمَّدًا لَنَبيٌّ مُرْسَل ، ولقد جاءكُم بالفَصْل من خَبَر صاحبكُم (أي جاءكُم بالقول الحقّ بخصوص المسيح عيسى عليه السَّلام) ، ولقدْ علِمْتُم ما لاَعَنَ قومٌ نبيّا قَطُّ فبَقِيَ كبيرُهم ولا نَبتَ صغيرُهم ، وإنَّه لَلاسْتِئْصَالُ لكُم إن فعَلْتُم . فإن كنتُم قد أبَيْتُم إلاَّ إِلْفَ دِينكُم والإقامَة على ما أنْتُم عليه من القَوْل في صاحِبكُم ، فَوَادِعُوا الرَّجُلَ ثمَّ انْصَرِفُوا إلى بلادِكُم .
وقد روى الإمام أحمد حديثًا بخصوص المُباهلَة ، يؤكّد كلام العاقب . فعن ابن عبَّاس رضي الله عنه ، قال : قال أبو جهل (رأسُ المشركين في قريش) : لَئِنْ رأيتُ محمَّدًا يُصلّي عند الكعبة، لآتِيَنَّه حتَّى أطَأَ على عُنُقه . فقالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم : لو فعلَ ، لَأخذَتْه الملائكةُ عِيَانًا ، ولو أنَّ اليهودَ تَمَنَّوا الموتَ ، لَماتُوا ولَرَأوْا مَقاعِدَهم في النَّار ، ولو خرجَ الذينَ يُباهِلُون رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، لَرَجعُوا لا يجدُون مالاً ولا أهلاً ! (مسند الإمام أحمد بن حنبل - الجزء 1 - ص 248 - رقم الحديث 2225) .
فأخذ الوفدُ إذًا برأي العاقب ، وأتَوْا رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، فقالُوا : يا أبا القاسم ، قد رأيْنَا ألاَّ نُلاعِنَك ، وأن نَترُكَك على دِينِكَ ونبقَى على دِيننا . ولكن ابْعَثْ معنا رجلاً من أصحابك ترضاهُ لنا ، يَحكُم بيننا في أشياءَ اخْتَلَفْنا فيها من أموَالنا ، فإنَّكُم عندنا رِضًى . فقال النَّبيّ : ائْتُوني العَشِيَّةَ ، أبْعَثْ معكُم القَويَّ الأمين .
فكانَ عمر بن الخطَّاب يقول : ما أحببْتُ الإمارةَ قَطُّ حُبّي إيَّاها يَوْمَئذ، رجاءَ أن أكون صاحِبَها . فرُحْتُ إلى صلاة الظُّهر مُبَكّرًا ، فلمَّا صلَّى بنا رسولُ الله الظُّهرَ ، سَلَّم ، ثمَّ نَظَر عن يَمينه ويَساره ، فجعَلْتُ أتَطاولُ له لِيَراني ، فلَمْ يَزلْ يَلْتَمسُ ببَصَره حتَّى رأى أبا عُبَيْدة بن الجرَّاح ، فدَعاه وقال : اخْرُجْ معهم ، فاقْضِ بينهم بالحقّ فيما اخْتَلَفُوا فيه .
قال عمر : فذهبَ بها أبو عُبَيْدة .
هذه إذًا قصَّة وَفْد نصارى نجران ، وهي كافيةٌ لِلرَّدّ على كلّ المسيحيّين إلى آخر الزَّمان .