ظاهرة اللّيل والنّهار
لو صعدْتَ أيّها الزّائر الكريم في مركبة فضائيَّة وابتعدَتْ بك خارج الغلاف الجوّي ، لَبَدَتْ لك الشَّمسُ قُرصًا أصفر يَحُوطه السَّواد من كلّ جانب ، ولَعجبْت من رؤية الأرض كُرةً تسبحُ في ظلام كوني حالك !
نعم ، فالسَّماء الزَّرقاء التي نراها فَوْقَنا هي ، كما ذكَرْنا سابقًا ، نتيجة تفاعُل ضوء الشَّمس مع الغُلاف الجوّي للأرض . وتفصيلُ ذلك أنَّ الشَّمسَ عندما ترسلُ أشعَّتها إلى الأرض ، يَتصدَّى الغلافُ الجوّي لهذه الأشعَّة ، فيَمنَع الضَّارَّ منها من العُبور ويأذن للنَّافع بالاجتياز ! وهذا أيضًا من مزايَا هذا السَّقف المحفوظ .
الأشعَّة النَّافعة التي تَمُرُّ ، منها ما هو مَنْظورٌ تراه العين ، ومنها ما هو غير مَنْظور .
أمَّا المنْظور : فهو الذي يُكَوّنُ ضوءَ النَّهار ، وهو يتألَّف من الألوان السَّبعة لِلطَّيْف ، والتي نراها في قَوْس قُزَح إثر نُزول المطر . وهي تصاعديّا : الأحمر ، البرتقالي ، الأصفر ، الأخضر ، الأزرق ، النّيلي ، والبنفسجي .
وأمَّا الغير مَنْظور : فهي الأشعَّة تحت الحمراء ، والتي تُستخدم مثلاً في مجال الاتّصالات اللاَّسلكيَّة ، ويُقابلُها في الطَّرف الآخر من السُّلَّم : الأشعَّة فوق البنفسجيَّة ، والتي لها عدَّة استخدامات في المجال الطّبّي وغيره .
عندما تَنفذُ أشعَّةُ الشَّمس إذًا من الغلاف الجوّي للأرض ، تصطدم بجُزئيَّات الهواء ، فتَتَشتَّت . وأكثر ما يتشتَّتُ منها اللَّونُ الأزرق ، فيَطغَى على ألوان الطَّيف الأخرى ، فتظهرُ السَّماءُ زرقاءَ فوق سطح الكرة الأرضيَّة الموَاجِه للشَّمس ، ويكون في هذا الوجه نهار ، بينما يكُون في الوجه الآخر لَيْلٌ . ثمَّ تدور الأرض حول نفسها ، فيدور معها السَّطحُ الذي كان مُوَاجِهًا للشَّمس ، فيَحلُّ فيه اللَّيلُ ، ويَحُلُّ في السَّطح الآخر نهار .
وهنا ، نتوقَّف عند بعض آيات من القرآن الكريم فيها إشارة لهذه الظَّواهر ! يقول الله تعالى : { وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا 1 وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا 2 وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا 3 وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا 4 } (91- الشّمس 1-4) .
فالآياتُ تذكُر هنا أنَّ النَّهار هو الذي يُجَلّي الشَّمسَ ، أي يُظهرُها ساطعة جَلِيَّة . وهذا ما أثبته فعْلاً عُلَماءُ العَصْر الحديث . فالشَّمسُ لا تُضيءُ الأرضَ مباشرةً مِن نَفْسها ، كما كان يعتقدُ النَّاسُ إلى وقت قريب ، وإنَّما اختراقُ أشعَّتِها لِلجُزء المقابل لها من الغُلاف الجوّي للأرض ، هو الذي يجعلُ النَّهارَ يَحلُّ على ذلك الجزء من الكرة الأرضيَّة ، فتبدُو عند ذلك الشَّمسُ ساطعة فيه . والدَّليلُ أنَّنا لو صعدْنَا بعيدًا عن الغُلاف الجوّي ، لَاخْتَفَى هذا الضَّوءُ السَّاطع ، ولَبَدَت الشَّمسُ عند ذلك قُرصًا أصفر وسط ظلام الكَون الدَّامس .
ويقول تعالى في آية أخرى : { وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ 37 } (36- يس 37) .
فسَلْخُ النَّهار من اللَّيل يدلُّ على إزالة الفَرْع من الأصل ، والمؤقَّت من الدَّائم ، وهذا ما يحدُثُ فعْلاً . فالأصلُ في الكون هو الظَّلام ، وضَوْءُ النَّهار لا يُمثّلُ إلاَّ جزءًا صغيرًا جدّا من هذا الظَّلام . فهو إذًا فَرْعٌ ، لِصِغَر المساحة التي يحتلُّها بالنّسبة للظَّلام الكوني ، ولأنَّه مُؤقَّت ، يظهر ثمّ يختفي . بينما الظَّلام الكوني يحتلُّ مساحة لا حُدُود لها ، وهو دائمٌ لا يَزول ، فهو إذًا الأصل .
ونلاحظُ مرَّة أخرى دقَّة الله سُبحانه في اختيار الألفاظ . فقد استعملَ تعالى فِعْل " نسلخُ " ، ونحن نعلم أنَّ النَّهار لا يغيبُ مرَّة واحدة ، وإنَّما يغيبُ شيئًا فشيئًا مع دوران الأرض حول نفسها . فكأنَّما يُسلَخُ فعْلاً من اللَّيل ، لِيَحُلَّ هذا الأخيرُ مكانَه ! وهذا اللَّيلُ ليس سِوَى الظَّلام الكوني الذي يُحيط بالأرض وبكلّ الأجرام السَّماويَّة بصفة دائمة .
أليس من الواجب علينا إذًا أن نشكر الله تعالى على نعْمَتَي اللَّيل والنَّهار ؟! ولو أراد اللهُ أن يحرمَنا منهما ، لَمَا استطاع أحدٌ أن يفعل أيّ شيء ؟!
يقول الله تعالى : { وَهُوَ الله لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 70 قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ 71 قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ 72 } (28- القصص 70-72) .
قد تتساءل أيّها الضّيف الكريم : ولكنَّ الكونَ يحتوي على ملايين النُّجوم العملاقة التي يصل حجمُها إلى ملايين المرَّات حجم الشَّمس وقوَّة إضاءتها أكبر منها بآلاف المرَّات ، فلِمَاذَا لا يُجلّي النَّهارُ أضواءَ هذه النُّجوم ، مثلما يُجلّي ضوءَ الشَّمس ؟!
الجوابُ هو أنَّها بعيدة جدّا عنَّا . أمَّا الشَّمس فهي أقرب نجم إلى الأرض ، تبعد عنها حوالي 150 مليون كيلومتر . فلمَّا ترسلُ بضوئها إلينا ، يصل في بضع دقائق فقط ، ويطغى على أضواء النُّجوم الأخرى ، فيَحجُبها عنَّا .
أليس إذًا من الواجب علينا أيضًا أن نشكر الله تعالى على شمسنا ، حيثُ قَدَّر بُعدَها ونُورَها وحرارتها، فجعل كلّ ذلك مناسبًا تمامًا لنا ؟! ولو شاء لَذَهب بالشَّمس وأحلَّ محلَّها واحدًا من النُّجوم العملاقة، إذًا لَاحترقَت الأرضُ بِما فيها ومَن عليها !
وواللهِ إنّي لأستغربُ حقّا من عُلَماء الفَلَك خاصَّة ، كيف لا يؤمنون بالله وهم يُشاهدون يوميّا دلائل وجوده وعظمته من خلال حركة الأرض والنُّجوم وكلّ شيء في هذا الكون ؟!
هل هي مجرَّد غفلة ؟! أم أنَّ الإيمان بوجود خالق وأنبياء وجنَّة ونار أصبح تخلُّفًا في عصر التَّحرُّر والعلم ؟!
لو صعدْتَ أيّها الزّائر الكريم في مركبة فضائيَّة وابتعدَتْ بك خارج الغلاف الجوّي ، لَبَدَتْ لك الشَّمسُ قُرصًا أصفر يَحُوطه السَّواد من كلّ جانب ، ولَعجبْت من رؤية الأرض كُرةً تسبحُ في ظلام كوني حالك !
نعم ، فالسَّماء الزَّرقاء التي نراها فَوْقَنا هي ، كما ذكَرْنا سابقًا ، نتيجة تفاعُل ضوء الشَّمس مع الغُلاف الجوّي للأرض . وتفصيلُ ذلك أنَّ الشَّمسَ عندما ترسلُ أشعَّتها إلى الأرض ، يَتصدَّى الغلافُ الجوّي لهذه الأشعَّة ، فيَمنَع الضَّارَّ منها من العُبور ويأذن للنَّافع بالاجتياز ! وهذا أيضًا من مزايَا هذا السَّقف المحفوظ .
الأشعَّة النَّافعة التي تَمُرُّ ، منها ما هو مَنْظورٌ تراه العين ، ومنها ما هو غير مَنْظور .
أمَّا المنْظور : فهو الذي يُكَوّنُ ضوءَ النَّهار ، وهو يتألَّف من الألوان السَّبعة لِلطَّيْف ، والتي نراها في قَوْس قُزَح إثر نُزول المطر . وهي تصاعديّا : الأحمر ، البرتقالي ، الأصفر ، الأخضر ، الأزرق ، النّيلي ، والبنفسجي .
وأمَّا الغير مَنْظور : فهي الأشعَّة تحت الحمراء ، والتي تُستخدم مثلاً في مجال الاتّصالات اللاَّسلكيَّة ، ويُقابلُها في الطَّرف الآخر من السُّلَّم : الأشعَّة فوق البنفسجيَّة ، والتي لها عدَّة استخدامات في المجال الطّبّي وغيره .
عندما تَنفذُ أشعَّةُ الشَّمس إذًا من الغلاف الجوّي للأرض ، تصطدم بجُزئيَّات الهواء ، فتَتَشتَّت . وأكثر ما يتشتَّتُ منها اللَّونُ الأزرق ، فيَطغَى على ألوان الطَّيف الأخرى ، فتظهرُ السَّماءُ زرقاءَ فوق سطح الكرة الأرضيَّة الموَاجِه للشَّمس ، ويكون في هذا الوجه نهار ، بينما يكُون في الوجه الآخر لَيْلٌ . ثمَّ تدور الأرض حول نفسها ، فيدور معها السَّطحُ الذي كان مُوَاجِهًا للشَّمس ، فيَحلُّ فيه اللَّيلُ ، ويَحُلُّ في السَّطح الآخر نهار .
وهنا ، نتوقَّف عند بعض آيات من القرآن الكريم فيها إشارة لهذه الظَّواهر ! يقول الله تعالى : { وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا 1 وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا 2 وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا 3 وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا 4 } (91- الشّمس 1-4) .
فالآياتُ تذكُر هنا أنَّ النَّهار هو الذي يُجَلّي الشَّمسَ ، أي يُظهرُها ساطعة جَلِيَّة . وهذا ما أثبته فعْلاً عُلَماءُ العَصْر الحديث . فالشَّمسُ لا تُضيءُ الأرضَ مباشرةً مِن نَفْسها ، كما كان يعتقدُ النَّاسُ إلى وقت قريب ، وإنَّما اختراقُ أشعَّتِها لِلجُزء المقابل لها من الغُلاف الجوّي للأرض ، هو الذي يجعلُ النَّهارَ يَحلُّ على ذلك الجزء من الكرة الأرضيَّة ، فتبدُو عند ذلك الشَّمسُ ساطعة فيه . والدَّليلُ أنَّنا لو صعدْنَا بعيدًا عن الغُلاف الجوّي ، لَاخْتَفَى هذا الضَّوءُ السَّاطع ، ولَبَدَت الشَّمسُ عند ذلك قُرصًا أصفر وسط ظلام الكَون الدَّامس .
ويقول تعالى في آية أخرى : { وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ 37 } (36- يس 37) .
فسَلْخُ النَّهار من اللَّيل يدلُّ على إزالة الفَرْع من الأصل ، والمؤقَّت من الدَّائم ، وهذا ما يحدُثُ فعْلاً . فالأصلُ في الكون هو الظَّلام ، وضَوْءُ النَّهار لا يُمثّلُ إلاَّ جزءًا صغيرًا جدّا من هذا الظَّلام . فهو إذًا فَرْعٌ ، لِصِغَر المساحة التي يحتلُّها بالنّسبة للظَّلام الكوني ، ولأنَّه مُؤقَّت ، يظهر ثمّ يختفي . بينما الظَّلام الكوني يحتلُّ مساحة لا حُدُود لها ، وهو دائمٌ لا يَزول ، فهو إذًا الأصل .
ونلاحظُ مرَّة أخرى دقَّة الله سُبحانه في اختيار الألفاظ . فقد استعملَ تعالى فِعْل " نسلخُ " ، ونحن نعلم أنَّ النَّهار لا يغيبُ مرَّة واحدة ، وإنَّما يغيبُ شيئًا فشيئًا مع دوران الأرض حول نفسها . فكأنَّما يُسلَخُ فعْلاً من اللَّيل ، لِيَحُلَّ هذا الأخيرُ مكانَه ! وهذا اللَّيلُ ليس سِوَى الظَّلام الكوني الذي يُحيط بالأرض وبكلّ الأجرام السَّماويَّة بصفة دائمة .
أليس من الواجب علينا إذًا أن نشكر الله تعالى على نعْمَتَي اللَّيل والنَّهار ؟! ولو أراد اللهُ أن يحرمَنا منهما ، لَمَا استطاع أحدٌ أن يفعل أيّ شيء ؟!
يقول الله تعالى : { وَهُوَ الله لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 70 قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ 71 قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ 72 } (28- القصص 70-72) .
قد تتساءل أيّها الضّيف الكريم : ولكنَّ الكونَ يحتوي على ملايين النُّجوم العملاقة التي يصل حجمُها إلى ملايين المرَّات حجم الشَّمس وقوَّة إضاءتها أكبر منها بآلاف المرَّات ، فلِمَاذَا لا يُجلّي النَّهارُ أضواءَ هذه النُّجوم ، مثلما يُجلّي ضوءَ الشَّمس ؟!
الجوابُ هو أنَّها بعيدة جدّا عنَّا . أمَّا الشَّمس فهي أقرب نجم إلى الأرض ، تبعد عنها حوالي 150 مليون كيلومتر . فلمَّا ترسلُ بضوئها إلينا ، يصل في بضع دقائق فقط ، ويطغى على أضواء النُّجوم الأخرى ، فيَحجُبها عنَّا .
أليس إذًا من الواجب علينا أيضًا أن نشكر الله تعالى على شمسنا ، حيثُ قَدَّر بُعدَها ونُورَها وحرارتها، فجعل كلّ ذلك مناسبًا تمامًا لنا ؟! ولو شاء لَذَهب بالشَّمس وأحلَّ محلَّها واحدًا من النُّجوم العملاقة، إذًا لَاحترقَت الأرضُ بِما فيها ومَن عليها !
وواللهِ إنّي لأستغربُ حقّا من عُلَماء الفَلَك خاصَّة ، كيف لا يؤمنون بالله وهم يُشاهدون يوميّا دلائل وجوده وعظمته من خلال حركة الأرض والنُّجوم وكلّ شيء في هذا الكون ؟!
هل هي مجرَّد غفلة ؟! أم أنَّ الإيمان بوجود خالق وأنبياء وجنَّة ونار أصبح تخلُّفًا في عصر التَّحرُّر والعلم ؟!