داء السكري واحد من الأمراض المزمنة غير المعدية التي تصاحب المصاب بها خلال سنوات حياته كاملة منذ لحظة التشخيص.
تتدرج مستويات معالجة داء السكري وفق درجة تقدم الداء و الاعتلالات المصاحبة له حتى يصل المريض للعلاج بالأنسولين.
حقيقة تمثل هذه المرحلة واحدة من الصدمات التي تواجه مريض داء السكر وقد تعيد مراحل رد الفعل العاطفي مرة أخرى من بدايتها (الإنكار للتشخيص, الغضب من التشخيص,التوسل للشفاء, التوافق مع التشخيص) لذلك كان من اللازم التجول مع مريضنا أو مريضتنا في جولة حول هذا المرحلة التي قد يحتاج المريض إلى الوقوف بها طويلا .
إن الأنسولين أحد الهرمونات البناءة التي يقوم الجسم بتصنيعها وإفرازها من تلك المجموعة من الخلايا الموجودة بالبنكرياس أحد أعضاء الجسم الهامة.تسمى تلك الخلايا بخلايا بيتا توجد في تجمعات تسمى بجزر لانجرهانس في أنسجة البنكرياس
يقوم هذا الهرمون بتسهيل دخول الجلوكوز إلى داخل خلايا الجسم لانتاج الطاقة اللازمة لنشاط , كما يعمل هذا الهرمون على تخزين الجلوكوز بالكبد و العضلات على صورة جلايكوجين ليكون مخزونا استراتيجيا للطاقة , إضافة إلى أن هذا الهرمون يؤثر على استقلاب المواد الدهنية و البروتينية ليجعل الميزان يميل إلى ناحية البناء.
يعتبر الأنسولين واحدا من الوسائل التي تستعمل لعلاج مرضى داء السكري فيما يسمى بالعلاج التعويضي .
توجد بعض الاشتراطات الطبية للبدء باستعمال الأنسولين كعلاج لمرض السكري . و من هذه الاشتراطات:
1) داء السكري من النوع الأول أو ما كان يطلق عليه سابقا بداء السكري المعتمد على الأنسولين
2) داء السكري من النوع الثاني المصحوب بالمضاعفات الشرسة والتي تستلزم الحفاظ الدقيق على مستوى الجلوكوز بالدم ( غالبا يعتبر المستوى 150 مجم / دسل (8 مل مول/ لتر) من الجلوكوز بالدم هو حد الآمان لمرضى داء السكر) . من أمثلة هذه المضاعفات اعتلال شبكية العين السكري.
3) داء السكري الذي تم استيفاء الجرعات القصوى من الأدوية الفمية دون الوصول لمستوى مرضي من جلوكوز بالدم ليكون اقل من 250 مليجرام/ديسل (14 مل مول / لتر) فيما يسمى بالفشل الثانوي للعقاقير التي تؤخذ بالفم
4) داء السكر المصاحب للحمل ,سواء المستحث أو المصاحب للحمل. ينبغي التشدد في استعمال الأنسولين لدى السيدات الحوامل خاصة اللتي يعانين من السكر قبل حدوث الحمل لتلافي تأثير السكر على الجنين في مرحلة تكوين أجهزة الجسم ( 4-8 أسابيع من عمر الجنين).
5) حدوث إحدى مضاعفات ارتفاع السكر الحادة مثل تحمض الدم الكيتوني أو فرط اسمولية الدم غير الكيتونية.
6) مرضى داء السكر الذين يحضرون للتدخلات الجراحية الكبرى
7) مرضى داء السكري الذين يعانون من الالتهابات و الانتانات الحادة
لنبدأ رحلتنا من أولها ,و أول ما يتبادر إلى الأذهان , ما هو هذا الأنسولين؟.
إن الأنسولين هو أحد الهرمونات عديدة الببتايدات و التي تتكون من سلسلتين من الأحماض الأمينية ترتبط مع بعضها بجسور من ثنائية الكبريتيد.
تختلف الكائنات الحية عن بعضها البعض في مكونات تلك السلاسل ( الأحماض الأمينية) , ويقل الاختلاف داخل العائلة الواحدة من جنس إلى آخر. يتكون الأنسولين البشري من 51 حمض أميني , تتراص في سلسلتين مرتبطتين مع بعضهما. تتشكل السلسلة الأولى (أ) من 21 حمض أميني و السلسلة الثانية (ب) من 30 حمض أميني . قد لا تؤثر تلك الفروقات في فعالية الأنسولين بين أجناس العائلة الواحدة ولكنها تجعله مثيرا لتوليد الأجسام المضادة , حيث يعتبره الجسم مادة غريبة ينشط في تكوين الأجسام المضادة لها.
أما الأنسولين الحيواني المأخوذ من أجناس أخرى ضمن عائلة اللبنيات, فيكمن اغلب الخلاف بينه و بين الأنسولين البشري في نوع الحمض الأميني رقم 10.9.8 في السلسلة الأولى (أ) أما في السلسلة الثانية (ب) فيكمن اغلب الخلاف في نوع الحمض الأميني رقم 30 .
يقسم الأنسولين المستعمل لمعالجة مرضى داء السكري إلى نوعين:
1) الأنسولين البشري : سمي كذلك من منطلق تجاري , ولكنه في الحقيقة انسولين مخلق مشابه للأنسولين البشري . يتم تصنيع هذا النوع من الأنسولين باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية وذلك عن طريق إعادة دمج الجين الحامل للشفرة الوراثية المشابهة للشفرة الوراثية للأنسولين البشري مع الحمض النووي الحلقي ( البلازميد) داخل بعض أنواع البكتريا أو أحد أنواع الفطر ( فطر خميرة الخباز) ومن ثم تحفز عملية الانقسام الخلوي ليتم ترجمة ذلك الجين الوراثي في هيئة بروتين عديد الببتيد يسمى الأنسولين و يطابق الأنسولين البشري. إن المفاضلة بين طرق التصنيع تعتمد على درجة نقاء الأنسولين الناتج وعدم احتوائه على الشوائب التي قد تصيب بالضرر مستعمله. تجدر الإشارة إلى أن الصورة التصنيعية للأنسولين هي بودرة جافة يتم إذابتها و حفظها في زجاجات الأنسولين المعروفة لنا
2) الأنسولين الحيواني وهو مأخوذ من بعض اللبنيات التي يتشابه الأنسولين الذي تصنعه مع الأنسولين البشري إلى درجة كبيرة مثل الأنسولين البقري والأنسولين الخنزيرى والذي يحرم الشرع الإسلامي استعماله وان كان اكثر أنواع الأنسولين الحيواني تشابه مع الأنسولين البشري.
أساليب الحقن:
تهدف كافة الأساليب والطرق المستعملة في حقن الأنسولين إلى محاولة محاكاة النظام الفسيولوجي داخل الجسم البشري والذي يعتمد على إفراز كميات صغيرة من الأنسولين بطريقة مستمرة تتناسب مع زيادة نسبة الجلوكوز بالدم . لعل من أهم الأشياء التي ينبغي أن تؤخذ عند اختيار العلاج بالأنسولين هي تناسب نوع الأنسولين (الخصائص الدوائية ) و موعد تناول الطعام .
يبدأ الجلوكوز بالارتفاع الحاد بالدم بعد تناول الطعام, لذك لابد من تنسيق وقت إعطاء الأنسولين حتى لا يعاني المريض من الارتفاع في مستوى الجلوكوز بعد الأكل (Post-prandial hyperglycemia) أو من انخفاض الجلوكوز خاصة إذا كان بدء فعالية الأنسولين اقصر من المدة التي يبدأ فيها الجلوكوز بالارتفاع بالدم.
لعل الأنسولين قصير المدى (Regular Insulin) أو ما يطلق عليه لدى عامة الناس الأنسولين الصافي نظرا لصفاء محلول الأنسولين المعبأ في عبوات هذا النوع من الأنسولين إضافة إلى الأنسولين متوسط المدى (Neutral Protamine Hagredon-NPH) أو ما يطلق عليه بالأنسولين المعكر نظرا لطبيعة المحلول داخل العبوة التي يحتويها, هما اكثر أنواع الأنسولين انتشارا واستعمالا . لعل الأنسولين المخلق ( الأنسولين البشري) هو اكثر تلك الأنواع استعمالا.
تتعدد أنواع الأنسولين , فمنها ما هو سابق الخلط بين قصير المدى ومتوسط المدى في عبوة واحدة (Mixtard Insulin) ومنها ما هو غير مخلوط .
يمتاز الأنسولين المخلوط بأنه سهل الاستعمال بالنسبة للمرضى ولكنه غير محبذ الاستعمال بالنسبة للأطباء لانه يشكل صعوبة في ضبط الجرعات العلاجية وفق المتغيرات المستجدة حيث لا يستطيع المعالج عند استخدام الأنسولين المخلوط مثل (Mixtard Insulin) في رفع أي نوع على حدة, حيث يتحتم على زيادة واحد منهما زيادة الآخر والذي قد لا تكون حالة المريض في حوجة لرفع مستواه.
تختلف أنواع الأنسولين في حركتها الدوائية , لذلك يجب التقيد بالإرشادات المرفقة مع الأنسولين وتناسق وقت إعطاء الأنسولين مع تناول الطعام.
تتعدد أساليب إعطاء الأنسولين ,هناك بعض المرضى يبدأ الطبيب المعالج بإعطائهم الأنسولين كجرعة واحدة يوميا.
غالبا ما يعطى الأنسولين في الفترة الصباحية , ولكن هناك بعض الآراء تنصح باستعمال الأنسولين في فترة ما بعد الظهر ( بين الساعة الخامسة و السابعة مساء) وذلك للأسباب التالية:
1) هناك بعض الهرمونات المضادة لعمل الأنسولين يبدأ مستواها بالارتفاع التدريجي خلال الليل أو أثناء النوم مثل هرمون النمو وغيره من الهرمونات المضادة لعمل الأنسولين. لذلك ينصح أصحاب هذا الرأي بتناول الأنسولين بهذه الطريقة حتى لا يعاني المريض من ارتفاع السكر في الفترة المسائية , خاصة إذا ما علمنا أن بعض الهرمونات مثل هرمون اللبتين (Lipitin Hormone) والتي يرتفع مستواها أثناء النوم في الفترة المسائية تربط العديد من الدراسات بينها وبين حدوث اعتلالات الشبكية السكري.
2) تزيد الحركة العضلية للمريض خلال النصف الأول من اليوم بينما تقل خلال النصف الثاني من اليوم , لذلك فالحوجة للأنسولين تزيد في النصف الثاني من اليوم.
3) تختلف طبيعة الطعام المتناول في النصف الأول من اليوم عن النصف الثاني من اليوم , حيث يكون غالب الطعام في النصف الثاني قليل الكم , عالي السعرات الحرارية مثل الحلويات و المكسرات.
4) يقل احتكاك الفرد بالمجتمع الخارجي خلال النصف الثاني من اليوم مما يجعل ملاحظات الأفراد المحيطين بالمريض تقل حول كمية ما يتناوله من أطعمة أو حول أنواع تلك الأطعمة و بالتالي يقل عدد الأصوات المحذرة مما يجعل المريض عرضة لاضطراب نظامه الغذائي.
وبالمقابل هناك من يعترض على هذه الطريقة بناء على احتمال حدوث هبوط الجلوكوز أثناء النوم أو في الفترة المسائية. ويرد على أصحاب مثل هذا الرأي , بأن الجسم البشري يقوم بتصنيع الجلوكوز في الكبد للمحافظة على مستوى الجلوكوز بالدم أثناء الفترة الليلية أو أثناء الصيام عن الطعام من مصادر متعددة عن طريق واحدة من أهم عمليات الاستقلاب الحيوي تسمى بالجلوكونيوجينيسس (Gluconeogenesis) تقوم بتنظيم مستوى الجلوكوز في تلك الأحوال,إضافة إلى أن تعليم المريض تناول كوب من العصير أو قطعة من الفاكهة قبل الذهاب إلى النوم واحدة من انجح الطرق لتجنب الوقوع في مشكلة انخفاض الجلوكوز في الفترة الليلية أو أثناء النوم.
كما أن هناك البعض الآخر من المرضى يستخدم أسلوب الحقن بالإضافة إلى الأقراص الخافضة للسكر. غالبا ما يستعمل المريض تلك المجموعة التي تحفز مستقبلات الأنسولين مثل مجموعة المتفورمين و من أمثلتها عقار الجلوكوفاج.
ينصح باستعمال هذا الأسلوب لدى مرضى داء السكري الذين :
1) يعانون من داء السكري من النوع الثاني و الذين يعانون من السمنة أو اضطراب دهنيات الدم
2) مرضى داء السكر الذين يعانون من متلازمة مقاومة الأنسولين
3) مرضى داء السكر الثانوي و الناتج عن استعمال بعض العقاقير التي تؤثر على شراهة وعدد مستقبلات الأنسولين.
4) مرضى داء السكري الذين يعانون من بعض الأمراض مثل متلازمة التعدد الكيسي في المبيض.
يخضع جزء كبير من مرضى داء السكري لأسلوب الحقن الثنائي ( الجرعة الصباحية و المسائية) . عند استعمال هذه الطريقة تحسب الجرعة الكلية للأنسولين ثم يعطى ثلثي الجرعة صباحا والثلث الآخر مساء. تقسم كل جرعة إلى قسمين , يعطى ثلثي الجرعة من الأنسولين متوسط المدى والثلث الآخر من الأنسولين قصير المدى . ينبغي على الطبيب و المريض ملاحظة ظهور علامات انخفاض السكر خاصة عند أقصى تأثير للأنسولين والذي يكون غالبا بعد ساعتين للأنسولين قصير المدى و حوالي 6-8 ساعات للأنسولين متوسط المدى. إن ظهور تلك العلامات في توقيت معين يعني زيادة أحد مكونات المزيج. ومن علامات انخفاض السكر, ارتعاش الأيدي, العرق الزائد, زيادة ضربات القلب, زغللة النظر و الإحساس بالجوع الشديد و تختفي هذه الأعراض تماما عند تناول السكريات بالفم أو استعمال محاليل الجلوكوز الوريدية.
هناك طرق أخرى لحقن الأنسولين , فهناك أسلوب الحقن المتعدد و الذي يعتمد على إعطاء جرعات متعددة من الأنسولين في محاولة لمحاكاة ما يحدث في الطبيعة. وهناك أيضا أسلوب الحقن قبل تناول الطعام . أدى تصنيع أنواع جديدة من الأنسولين مثل الأنسولين سريع المفعول المسمى ليسبرو (Insulin Lispro) إلى تطبيق مثل هذا الأسلوب و الذي يقوم على حقن الأنسولين مباشرة أو قبل 5-10 دقائق من تناول الطعام . بينما أدى تصنيع أنواع أخرى مثل الأنسولين طويل الفعالية ( Galgarine Insulin) الذي يمتاز بأنه بطئ الامتصاص إلى الاكتفاء بإعطاء المريض جرعة مسائية واحدة .
طرق حقن الأنسولين:
يتم إعطاء الأنسولين بصور مختلفة فقد يعطى تحت الجلد, بالعضل أو بالوريد وذلك حسب ما يراه الطبيب المعالج بناء على حالة المريض. غير أن بعض الشركات المصنعة للأنسولين لا توصي باستعمال بعض الطرق مثل الحقن بالعضل. عند استعمال الأنسولين مع المحاليل الوريدية المعبأة في عبوات زجاجية أو بلاستيكية ينبغي ملاحظة أن الأنسولين قد يترسب على جدران تلك العبوات نتيجة للكهرباء الساكنة على جدران تلك الزجاجات إذا أضيف إليها, لذلك ينصح بإضافة بعض المليمترات من دم المريض حتى يتسنى ربط بروتين الدم مع الأنسولين المضاف و بالتالي لا يضيع الأنسولين نتيجة ارتباطه بجدر تلك الأوعية أو تمرير حوالي 30 مليمتر من المحلول الموجود بالعبوة أولا عبر أنابيب التوصيل الوريدية قبل توصيلها بالوريد ثم يضاف الأنسولين إلى المحلول.
أما داخل المستشفيات , فغالبا ما تستعمل طريقة الشرائح المتتالية (Sliding Scale Method) , يتضح من اسم هذه الطريقة معناها, حيث تقوم على تقسيم اليوم إلى شرائح يتم التعامل معها بصورة منفصلة بحيث يكون الهدف هو ضبط مستوى السكر في تلك الشريحة باستخدام الأنسولين قصير المفعول. تختلف المنشاءات الصحية في تحديد زمن الشرائح وفق البروتوكول الذي تتبعه في معالجة مرضاها. فبعضها يقسم كل شريحة إلى فترة زمنية تتراوح بين 3-4 ساعات و آخرين يقسمون تلك الشرائح إلى فترات تتراوح بين 6-8 ساعات , ولكل أسلوب ما يدعمه من إيضاحات. تهدف هذه الطريقة إلى محاكاة الجسم البشري قدر المستطاع.غالبا ما يتم تجميع الوحدات المعطاة في تلك الشرائح ليتم إعطائها عن طريق أسلوب الحقن الثنائي ( صباحا و مساء) وغالبا ما يتم ذلك بعد مرور يومين أو ثلاث من بدء طريقة الشرائح المتعددة.
يتم استخدام الحقن تحت الجلد في اغلب مرضى داء السكري الذين يتلقون العلاج بالأنسولين, أما الحقن بالعضل أو في الوريد فيترك للحالات التي تحتاج تدخلا سريعا كما في حالات التحمض الدموي الكيتوني. أما الحقن بالعضل فيترك ليستعمل غالبا في حالة تعذر الحقن بالوريد و إن كان هناك تحفظات على ذلك.
أماكن الحقن:
يختلف وقت بدء امتصاص الأنسولين وسرعة امتصاصه من مكان الحقن من شخص إلى شخص.غالبا ما يمكن تقليل هذه الفروق بواسطة التحكم في العوامل المؤثرة على امتصاص الأنسولين مثل:
1) موضع الحقن : تعتبر منطقة الجدار البطني الأمامي الأسرع في الامتصاص يليها المنطقة الخارجية من الأذرع و أخيرا المنطقة الخارجية من الفخذ و الأرداف. يزيد معدل الامتصاص بحوالي 40% في منطقة البطن عن منطقة الفخذ.
2) زاوية الحقن و عمق الحقن
3) النشاط العضلي في منطقة الحقن
4) درجة الحرارة في منطقة الحقن
5) درجة التروية الدموية في مكان الحقن
إن منطقة البطن هي الأنسب لاعطاء الأنسولين بالرغم من ذلك الخوف لدى مرضى داء السكر من أن إبرة المحقنة قد تخترق البطن إلى داخل التجويف البطني. ولعل هذا الخوف هو أحد أهداف برنامج التوعية الصحية لمرضى السكر. و من ضمن أسباب تفضيل هذه المنطقة:
1) قلة تأثير العوامل الخارجية على سرعة الامتصاص من هذه المنطقة
2) اتساع مساحة منطقة الحقن
3) سهولة الحقن , حيث أن المريض يستطيع بسهولة رؤية كافة المنطقة
4) سهولة الوصول المباشر لمنطقة الحقن بواسطة المريض.
5) دائما ما ينصح مريض داء السكر الذي يستخدم الأنسولين بعدم تكرار الحقن في المنطقة الواحدة مرات عدة لتلافي آثار الحقن الموضعية. كما أن هناك بعض الأطباء ينصح بتكرار اخذ الأنسولين في الفترة الصباحية في مكان واحد مع الحرص على تغير موضع الحقن كأن يكون الذراع , البطن أو الفخذ على أن يتم تغير المكان في الجرعة المسائية وذلك لتلافى الاختلاف في معدل سرعة الامتصاص لنفس الجرعة عن كل يوم.
طريقة الحقن:
كثيرا ما يصر مرضى داء السكر على استعمال الكحول كمطهر موضعي في موضع الحقن , ولكن هذا أحد المفاهيم الخاطئة شائعة الانتشار. قد يودئ دخول الكحول إلى ما تحت الجلد إلى الإحساس بالألم الشديد . يمكن الاكتفاء فقط بغسل موضع الحقن بالماء و الصابون و تنشيف الموضع ليكون جاهزا للحقن و قد يكفي غسل الموضع بالماء فقط. في حالة إصرار المريض على استعمال الكحول كمطهر موضعي عليه أن يتركه ليجف قبل مباشرة الحقن. لعل الإحساس بالبرودة الناتج عن تبخر الكحول يعطي المريض الإحساس بالتخدر الموضعي و بالتالي اعتقاد عدم الإحساس بالألم. ولكن ينصح بالتشدد بتطهير موضع الحقن للمرضى الذين يرقدون بالمستشفيات و ذلك لتلافي احتمال تلوث موضع الحقن.
بعد ذلك ينبغي على المريض تطهير الغطاء البلاستيكي لزجاجة الأنسولين قبل دفع الإبرة إلى داخل الزجاجة لسحب الأنسولين ويتم ذلك باستخدام قطعة من القطن والكحول على أن يتم ذلك في حركة دائرية في اتجاه واحد وتترك قليلا ليجف الكحول.
يتم تثبيت الجلد بإحدى اليدين مع دفع ثنية كافية من الجلد بين اليدين . يمسك المريض الحقنة باليد الأخرى و يتم الحقن بزاوية قائمة أما إذا كان المريض نحيلا فينصح بالحقن بزاوية مائلة (45 درجة) على أن يتم الحقن بسرعة لتخفيف الألم المنبعث من اختراق الجلد.
بعد إدخال إبرة المحقنة يفرغ الأنسولين ببطء في خلال 2-4 ثواني على أن تترك الإبرة في مكانها لمدة تتراوح بين 10-15 ثانية وذلك لاعطاء الأنسجة فترة كافية للتمدد مما يقلل تسرب الأنسولين من موضع الحقن . تسحب الإبرة ببطء من موضع الحقن و لا ينبغي على المريض مسح موضع الحقن بالكحول أو دعك الموضع.
يمكن للمريض إعادة استعمال المحاقن أكثر من مرة واحدة ولكن ينبغي تماما تجنب استعمال الحقن المستعملة بواسطة الآخرين خاصة لدى المرضى ذوي الخصوصية مثل المصابين بمتلازمة نقص المناعة المكتسب أو التهاب الكبد الفيروسي أو المرضى الذين يعانون من اعتلال الجهاز المناعي وذلك حرصا على عدم تسرب الميكروبات إلى داخل الجسم.
لعل تسجيل البيانات حول حقن الأنسولين مثل مكان الحقن , زاوية الحقن و أسلوب الحقن في سجلات التمريض يسمح بتوفير قاعدة من البيانات تسمح بتصحيح مسار العملية التمريضية داخل المنشاءات الصحية.
يتم حفظ الأنسولين في الثلاجة في درجة حرارة تتراوح بين 4-8 درجات مئوية على أن لا يسمح للأنسولين بالتجمد . يمكن للمريض أن يستعمل الأنسولين الموجود في حرارة الغرفة العادية ( 15- 25 درجة مئوية) في المناطق الباردة على أن لا يعرض الأنسولين لأشعة الشمس بصورة مباشرة . غالبا لا ينصح باستعمال العبوة أكثر من شهر و ذلك لان فعالية الأنسولين تبدأ بالتناقص منذ البدء باستعماله وان كان الحفظ الجيد قد يسمح بإطالة تلك الفعالية.
قبل استعمال عبوة الأنسولين , ينبغي على المريض ملاحظة أية تغيرات في تجانس العبوة , مثل ظهور ترسبات جيرية تشبه الثلج لا تذوب عند الرج الخفيف للعبوة أو ظهور رواسب تفقد عبوة الأنسولين قصير المدى صفائها. بعض الشركات قد تسمح بخلط الأنسولين الذي تقوم بتصنيعه مع الأنسولين المصنع بواسطة شركات أخرى, بينما البعض الآخر لا يوصي بذلك وان لم يمنع ذلك صراحة. ولكن نظرا لاختلاف المواد المضافة للأنسولين في العبوات مثل المواد الحافظة و المذيبة للأنسولين إضافة إلى اختلاف مصدر الأنسولين ,فان الرأي الثاني هو الآمن في التطبيق.
يواجه مرضى داء السكري العديد من المشاكل , ولعل اعتلال الشبكية السكري واحد من أهم لك المشكلات و التي قد تصل إلى حد فقد البصر الكلي. لذلك يمكن لمن يتولون رعاية المرضى غير القادرين على تحديد المقدار المحدد من الأنسولين بسب صعوبة ذلك نظرا للإعاقة البصرية أو الحركية أن يقوموا بتحضير عدد من الحقن تحوي الكمية الموصوفة للمريض على أن تحفظ في الثلاجة بعيدا عن التجمد . ينبغي الحرص على أن تكون إبرة الحقنة إلى الأعلى أو في وضع أفقي وذلك لتلافى ترسب الأنسولين داخل الإبرة مما يودئ إلى انسداد الحقنة . ينمكن استخدام هذه الحقن المعدة خلال أسبوعين من تحضيرها مع مراعاة الحفظ الجيد لها بالثلاجة. قبل استخدام الحقن المعدة بهذه الطريقة ينبغي رجها بلطف لاعادة مزج الأنسولين بباقي المزيج.
وسائل حقن الأنسولين:
1) هناك العديد من الوسائل المستخدمة لحقن الأنسولين مثل حقن الأنسولين التي تتنوع حسب درجات تدرجها. يتم قياس الأنسولين المسحوب من العبوات بالوحدات الدولية . هناك بعض الحقن مدرجة حتى 40 وحدة دولية و أخرى حتى 100 وحدة دولية و هي ما يعادل واحد مليمتر من المزيج أو واحد سنتيمتر مكعب ولعلها الأكثر شيوعا في الاستعمال.
2) هناك أيضا أقلام حقن الأنسولين و التي تشبه الأقلام الكبيرة وتحتوي على عبوة الأنسولين باختلاف أنواعه. ساعدت هذه الوسيلة كثيرا من المرضى و ذلك للأسباب التالية:
أ) عدم حوجة المريض لحمل زجاجات الأنسولين و ما تحتاجه من متطلبات مثل الحفظ و اشتراطات الحفظ.
ب) عدم الحوجة لحمل حقن الأنسولين
ت) تلافى الإحساس بالحرج و التأثر الاجتماعي عند الحوجة لاستخدام الأنسولين , حيث يستطيع المريض استعمال تلك الأقلام في أي مكان عام دون خوف أو تردد.
3) وهناك أيضا مضخات الأنسولين الخارجية . تقوم هذه المضخات بضخ الأنسولين بطريقة مستمرة تحت الجلد كما يمكن ضبط هذه المضخات لتقوم بضخ كميات زائدة من الأنسولين قبل الوجبات. و يتم ذلك إما أتوماتيكيا أو بواسطة المريض.
4) وهناك أيضا مضخات الأنسولين الداخلية. تقوم هذه المضخات بضخ الأنسولين في التجويف البريتوني البطني من خلال مخزن يتم زرعه في البطن ويتم التحكم بكمية الأنسولين بواسطة أداة استشعار.
5) وهناك المحاقن النفاثة . تقوم هذه المحاقن بحقن الأنسولين تحت الجلد بواسطة ضغط الهواء دون الحوجة لاستعمال الإبر. يعتقد الكثير من مرضى داء السكري أن هذه الوسيلة تمنع الإحساس بألم وخز الإبرة المستعملة في الحقن و لكن هذا واحد من المفاهيم الخاطئة المنشرة بين مرضى داء السكري.
لعل التطور الحادث في الوسائل المستخدمة للحقن و الأجهزة المستخدمة يصيب الكثير من العاملين بالحقل الصحي بالحيرة و الارتباك , لذلك لا غنى عن الاطلاع المستمر لمعرفة الجديد و كيفية التعامل معه. إن التطور السريع في وسائل المعرفة صار لا يعفي أحد من ضرورة التعلم.
الآثار الناتجة عن استعمال حقن الأنسولين:
1) عند البدء بالحقن للمرة الأولى أو استعمال نوع جديد من الأنسولين للمرة الأولى قد يلاحظ بعض المرضى حساسية موضعية بمكان الحقن أو حوله ( حكه, احمرار, تورم) قد تستمر لعدة أيام و لكنها تبدأ بالاختفاء التدريجي. مثل هذا التحسس نادر الحدوث , و يحدث نتيجة لتحفز الجهاز المناعي بسبب بعض مكونات عبوة الأنسولين أو عدم نقاء الأنسولين المستعمل في تلك العبوة أو نتيجة لأسلوب الحقن الخاطئ. عند حدوث مثل هذا التحسس ينبغي استشارة الطبيب المعالج لبحث الأسباب التي تؤدى لذلك و محاولة معالجتها. ينبغي على المريض التوقف عن الحقن إذا كان التحسس قويا أو اصبح عاما في كل الجسم و استشارة الطبيب المعالج فورا.
2) انخفاض السكر : قد يحدث انخفاض الجلوكوز لدى المرضى الذين يستعملون الأنسولين كأحد أساليب العلاج نتيجة للعديد من الأسباب منها:
أ) اخذ المريض لكمية كبيرة من الأنسولين اكثر من احتياجه المطلوب
ب) عدم تناول كمية كافية من السكريات في حدود البرنامج الغذائي المسموح به للمريض بعد اخذ حقنة الأنسولين بمدة كافية.
ت) عدم تناسب النشاط الحركي مع كمية الأنسولين المعطاة و كمية السكريات المتناولة
ث) تناول الكحوليات قد يودئ إلى انخفاض السكر المتكرر لدى المرضى السكريين عموما و خاصة الذين يعتمدون على الأنسولين.
ينبغي على مريض داء السكر المتابعة الدائمة لمستوى الجلوكوز بالدم حتى يستطيع ضبط الجرعات التي يتناولها إضافة إلى معرفة علامات انخفاض السكر و كيفية التعامل معها.
قد يلاحظ البعض انخفاض السكر لدى بعض مرضى داء السكر إلى مستويات منخفضة جدا و مع هذا لا يشعرون بأعراض ذلك الانخفاض , ولعل ذلك يرجع إلى الأسباب التالية:
أ) تناول بعض العقاقير التي تثبط تأثير الجهاز العصبي السمبثاوي و الذي يقوم بإدارة الجسم في حالات الطوارئ مثل أزمة انخفاض الجلوكوز الذي يمثل الوقود الأساسي للجسم البشري. ومن أمثلة تلك العقاقير مثبطات مستقبلات بيتا و هي أحد اشهر العقاقير الخافضة للضغط.
ب) التعود على مستوى السكر المنخفض. إن تعود الجسم على مستويات منخفضة من الجلوكوز تجعله يعتاد على ذلك مما يجعله اقل استجابة لانخفاض السكر الحاد و لتلافي هذه المشكلة ينبغي على الطبيب المعالج أن يسمح لمستوى الجلوكوز لدى المريض بالارتفاع وذلك إما بتقليل الجرعات المعطاة أو زيادة السكريات المتناولة وذلك لمدة ثلاث اشهر و من ثم يعاد ضبط الجلوكوز مرة أخرى وذلك حتى يستطيع الجسم استشعار الانخفاض مرة أخرى. إن هذا لا يعني السماح لمستوى الجلوكوز بالارتفاع الى مستويات كبيرة و لكن الى مستوى يقل عن 200 ملجم / دسل ( 11ملمول/ ليتر).
3) التورم الشحمي : لعل هذه التورم هو أحد المضاعفات الموضعية للأنسولين و يحدث عادة نتيجة تكرار الحقن في مكان واحد . إن الأنسولين هو أحد الهرمونات البناءة التي تحفز تكوين الدهون و تخزينها في أنسجة الجسم المختلفة. إن تكرار الحقن في مكان واحد يحفز الخلايا الدهنية على تكوين و تخزين الشحوم و بالتالي يبدأ ظهور تلك التورمات و التي قد تأخذ أحجاما مختلفة . يتم معالجة تلك التورمات بتجنب الحقن فيها أو حولها , قد تأخذ هذه الطريقة وقتا طويلا و قد لا تنجح لذلك يلجأ الطبيب المعالج الى شفط الدهون من تلك المناطق المتورمة ولعل هذه الطريقة تفرح المرضى المصابين بهذه التورمات خاصة السيدات لما تمثله من حل سريع لتلك المشكلة.
4) الضمور الشحمي : وهو عبارة عن انبعاجات تظهر في الجلد نتيجة لفقد الأنسجة الشحمية بموضع الحقن نتيجة لتحفز الجهاز المناعي لوجود بعض مكونات مزيج الأنسولين التي تثير الجهاز المناعي أو في حالة الأنسولين غير النقي. ولعلاج هذه المشكلة ينصح المريض بالحقن حول موضع تلك التبعجات لتحفز تكون الشحوم لتملأ تلك الانبعاجات
حقيقة إن العلاج باستعمال الأنسولين واحد من أهم المواضيع التي تشغل بال العديد من مرضى داء السكري و الأطباء المعالجين لهم , لذلك كان من الواجب توضيح العديد من الحقائق حول هذا الموضوع الهام .
دائما وابد دعواتي لكل إخواننا و أخواتنا مرضى داء السكري بموفور الصحة و العافية.
تتدرج مستويات معالجة داء السكري وفق درجة تقدم الداء و الاعتلالات المصاحبة له حتى يصل المريض للعلاج بالأنسولين.
حقيقة تمثل هذه المرحلة واحدة من الصدمات التي تواجه مريض داء السكر وقد تعيد مراحل رد الفعل العاطفي مرة أخرى من بدايتها (الإنكار للتشخيص, الغضب من التشخيص,التوسل للشفاء, التوافق مع التشخيص) لذلك كان من اللازم التجول مع مريضنا أو مريضتنا في جولة حول هذا المرحلة التي قد يحتاج المريض إلى الوقوف بها طويلا .
إن الأنسولين أحد الهرمونات البناءة التي يقوم الجسم بتصنيعها وإفرازها من تلك المجموعة من الخلايا الموجودة بالبنكرياس أحد أعضاء الجسم الهامة.تسمى تلك الخلايا بخلايا بيتا توجد في تجمعات تسمى بجزر لانجرهانس في أنسجة البنكرياس
يقوم هذا الهرمون بتسهيل دخول الجلوكوز إلى داخل خلايا الجسم لانتاج الطاقة اللازمة لنشاط , كما يعمل هذا الهرمون على تخزين الجلوكوز بالكبد و العضلات على صورة جلايكوجين ليكون مخزونا استراتيجيا للطاقة , إضافة إلى أن هذا الهرمون يؤثر على استقلاب المواد الدهنية و البروتينية ليجعل الميزان يميل إلى ناحية البناء.
يعتبر الأنسولين واحدا من الوسائل التي تستعمل لعلاج مرضى داء السكري فيما يسمى بالعلاج التعويضي .
توجد بعض الاشتراطات الطبية للبدء باستعمال الأنسولين كعلاج لمرض السكري . و من هذه الاشتراطات:
1) داء السكري من النوع الأول أو ما كان يطلق عليه سابقا بداء السكري المعتمد على الأنسولين
2) داء السكري من النوع الثاني المصحوب بالمضاعفات الشرسة والتي تستلزم الحفاظ الدقيق على مستوى الجلوكوز بالدم ( غالبا يعتبر المستوى 150 مجم / دسل (8 مل مول/ لتر) من الجلوكوز بالدم هو حد الآمان لمرضى داء السكر) . من أمثلة هذه المضاعفات اعتلال شبكية العين السكري.
3) داء السكري الذي تم استيفاء الجرعات القصوى من الأدوية الفمية دون الوصول لمستوى مرضي من جلوكوز بالدم ليكون اقل من 250 مليجرام/ديسل (14 مل مول / لتر) فيما يسمى بالفشل الثانوي للعقاقير التي تؤخذ بالفم
4) داء السكر المصاحب للحمل ,سواء المستحث أو المصاحب للحمل. ينبغي التشدد في استعمال الأنسولين لدى السيدات الحوامل خاصة اللتي يعانين من السكر قبل حدوث الحمل لتلافي تأثير السكر على الجنين في مرحلة تكوين أجهزة الجسم ( 4-8 أسابيع من عمر الجنين).
5) حدوث إحدى مضاعفات ارتفاع السكر الحادة مثل تحمض الدم الكيتوني أو فرط اسمولية الدم غير الكيتونية.
6) مرضى داء السكر الذين يحضرون للتدخلات الجراحية الكبرى
7) مرضى داء السكري الذين يعانون من الالتهابات و الانتانات الحادة
لنبدأ رحلتنا من أولها ,و أول ما يتبادر إلى الأذهان , ما هو هذا الأنسولين؟.
إن الأنسولين هو أحد الهرمونات عديدة الببتايدات و التي تتكون من سلسلتين من الأحماض الأمينية ترتبط مع بعضها بجسور من ثنائية الكبريتيد.
تختلف الكائنات الحية عن بعضها البعض في مكونات تلك السلاسل ( الأحماض الأمينية) , ويقل الاختلاف داخل العائلة الواحدة من جنس إلى آخر. يتكون الأنسولين البشري من 51 حمض أميني , تتراص في سلسلتين مرتبطتين مع بعضهما. تتشكل السلسلة الأولى (أ) من 21 حمض أميني و السلسلة الثانية (ب) من 30 حمض أميني . قد لا تؤثر تلك الفروقات في فعالية الأنسولين بين أجناس العائلة الواحدة ولكنها تجعله مثيرا لتوليد الأجسام المضادة , حيث يعتبره الجسم مادة غريبة ينشط في تكوين الأجسام المضادة لها.
أما الأنسولين الحيواني المأخوذ من أجناس أخرى ضمن عائلة اللبنيات, فيكمن اغلب الخلاف بينه و بين الأنسولين البشري في نوع الحمض الأميني رقم 10.9.8 في السلسلة الأولى (أ) أما في السلسلة الثانية (ب) فيكمن اغلب الخلاف في نوع الحمض الأميني رقم 30 .
يقسم الأنسولين المستعمل لمعالجة مرضى داء السكري إلى نوعين:
1) الأنسولين البشري : سمي كذلك من منطلق تجاري , ولكنه في الحقيقة انسولين مخلق مشابه للأنسولين البشري . يتم تصنيع هذا النوع من الأنسولين باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية وذلك عن طريق إعادة دمج الجين الحامل للشفرة الوراثية المشابهة للشفرة الوراثية للأنسولين البشري مع الحمض النووي الحلقي ( البلازميد) داخل بعض أنواع البكتريا أو أحد أنواع الفطر ( فطر خميرة الخباز) ومن ثم تحفز عملية الانقسام الخلوي ليتم ترجمة ذلك الجين الوراثي في هيئة بروتين عديد الببتيد يسمى الأنسولين و يطابق الأنسولين البشري. إن المفاضلة بين طرق التصنيع تعتمد على درجة نقاء الأنسولين الناتج وعدم احتوائه على الشوائب التي قد تصيب بالضرر مستعمله. تجدر الإشارة إلى أن الصورة التصنيعية للأنسولين هي بودرة جافة يتم إذابتها و حفظها في زجاجات الأنسولين المعروفة لنا
2) الأنسولين الحيواني وهو مأخوذ من بعض اللبنيات التي يتشابه الأنسولين الذي تصنعه مع الأنسولين البشري إلى درجة كبيرة مثل الأنسولين البقري والأنسولين الخنزيرى والذي يحرم الشرع الإسلامي استعماله وان كان اكثر أنواع الأنسولين الحيواني تشابه مع الأنسولين البشري.
أساليب الحقن:
تهدف كافة الأساليب والطرق المستعملة في حقن الأنسولين إلى محاولة محاكاة النظام الفسيولوجي داخل الجسم البشري والذي يعتمد على إفراز كميات صغيرة من الأنسولين بطريقة مستمرة تتناسب مع زيادة نسبة الجلوكوز بالدم . لعل من أهم الأشياء التي ينبغي أن تؤخذ عند اختيار العلاج بالأنسولين هي تناسب نوع الأنسولين (الخصائص الدوائية ) و موعد تناول الطعام .
يبدأ الجلوكوز بالارتفاع الحاد بالدم بعد تناول الطعام, لذك لابد من تنسيق وقت إعطاء الأنسولين حتى لا يعاني المريض من الارتفاع في مستوى الجلوكوز بعد الأكل (Post-prandial hyperglycemia) أو من انخفاض الجلوكوز خاصة إذا كان بدء فعالية الأنسولين اقصر من المدة التي يبدأ فيها الجلوكوز بالارتفاع بالدم.
لعل الأنسولين قصير المدى (Regular Insulin) أو ما يطلق عليه لدى عامة الناس الأنسولين الصافي نظرا لصفاء محلول الأنسولين المعبأ في عبوات هذا النوع من الأنسولين إضافة إلى الأنسولين متوسط المدى (Neutral Protamine Hagredon-NPH) أو ما يطلق عليه بالأنسولين المعكر نظرا لطبيعة المحلول داخل العبوة التي يحتويها, هما اكثر أنواع الأنسولين انتشارا واستعمالا . لعل الأنسولين المخلق ( الأنسولين البشري) هو اكثر تلك الأنواع استعمالا.
تتعدد أنواع الأنسولين , فمنها ما هو سابق الخلط بين قصير المدى ومتوسط المدى في عبوة واحدة (Mixtard Insulin) ومنها ما هو غير مخلوط .
يمتاز الأنسولين المخلوط بأنه سهل الاستعمال بالنسبة للمرضى ولكنه غير محبذ الاستعمال بالنسبة للأطباء لانه يشكل صعوبة في ضبط الجرعات العلاجية وفق المتغيرات المستجدة حيث لا يستطيع المعالج عند استخدام الأنسولين المخلوط مثل (Mixtard Insulin) في رفع أي نوع على حدة, حيث يتحتم على زيادة واحد منهما زيادة الآخر والذي قد لا تكون حالة المريض في حوجة لرفع مستواه.
تختلف أنواع الأنسولين في حركتها الدوائية , لذلك يجب التقيد بالإرشادات المرفقة مع الأنسولين وتناسق وقت إعطاء الأنسولين مع تناول الطعام.
تتعدد أساليب إعطاء الأنسولين ,هناك بعض المرضى يبدأ الطبيب المعالج بإعطائهم الأنسولين كجرعة واحدة يوميا.
غالبا ما يعطى الأنسولين في الفترة الصباحية , ولكن هناك بعض الآراء تنصح باستعمال الأنسولين في فترة ما بعد الظهر ( بين الساعة الخامسة و السابعة مساء) وذلك للأسباب التالية:
1) هناك بعض الهرمونات المضادة لعمل الأنسولين يبدأ مستواها بالارتفاع التدريجي خلال الليل أو أثناء النوم مثل هرمون النمو وغيره من الهرمونات المضادة لعمل الأنسولين. لذلك ينصح أصحاب هذا الرأي بتناول الأنسولين بهذه الطريقة حتى لا يعاني المريض من ارتفاع السكر في الفترة المسائية , خاصة إذا ما علمنا أن بعض الهرمونات مثل هرمون اللبتين (Lipitin Hormone) والتي يرتفع مستواها أثناء النوم في الفترة المسائية تربط العديد من الدراسات بينها وبين حدوث اعتلالات الشبكية السكري.
2) تزيد الحركة العضلية للمريض خلال النصف الأول من اليوم بينما تقل خلال النصف الثاني من اليوم , لذلك فالحوجة للأنسولين تزيد في النصف الثاني من اليوم.
3) تختلف طبيعة الطعام المتناول في النصف الأول من اليوم عن النصف الثاني من اليوم , حيث يكون غالب الطعام في النصف الثاني قليل الكم , عالي السعرات الحرارية مثل الحلويات و المكسرات.
4) يقل احتكاك الفرد بالمجتمع الخارجي خلال النصف الثاني من اليوم مما يجعل ملاحظات الأفراد المحيطين بالمريض تقل حول كمية ما يتناوله من أطعمة أو حول أنواع تلك الأطعمة و بالتالي يقل عدد الأصوات المحذرة مما يجعل المريض عرضة لاضطراب نظامه الغذائي.
وبالمقابل هناك من يعترض على هذه الطريقة بناء على احتمال حدوث هبوط الجلوكوز أثناء النوم أو في الفترة المسائية. ويرد على أصحاب مثل هذا الرأي , بأن الجسم البشري يقوم بتصنيع الجلوكوز في الكبد للمحافظة على مستوى الجلوكوز بالدم أثناء الفترة الليلية أو أثناء الصيام عن الطعام من مصادر متعددة عن طريق واحدة من أهم عمليات الاستقلاب الحيوي تسمى بالجلوكونيوجينيسس (Gluconeogenesis) تقوم بتنظيم مستوى الجلوكوز في تلك الأحوال,إضافة إلى أن تعليم المريض تناول كوب من العصير أو قطعة من الفاكهة قبل الذهاب إلى النوم واحدة من انجح الطرق لتجنب الوقوع في مشكلة انخفاض الجلوكوز في الفترة الليلية أو أثناء النوم.
كما أن هناك البعض الآخر من المرضى يستخدم أسلوب الحقن بالإضافة إلى الأقراص الخافضة للسكر. غالبا ما يستعمل المريض تلك المجموعة التي تحفز مستقبلات الأنسولين مثل مجموعة المتفورمين و من أمثلتها عقار الجلوكوفاج.
ينصح باستعمال هذا الأسلوب لدى مرضى داء السكري الذين :
1) يعانون من داء السكري من النوع الثاني و الذين يعانون من السمنة أو اضطراب دهنيات الدم
2) مرضى داء السكر الذين يعانون من متلازمة مقاومة الأنسولين
3) مرضى داء السكر الثانوي و الناتج عن استعمال بعض العقاقير التي تؤثر على شراهة وعدد مستقبلات الأنسولين.
4) مرضى داء السكري الذين يعانون من بعض الأمراض مثل متلازمة التعدد الكيسي في المبيض.
يخضع جزء كبير من مرضى داء السكري لأسلوب الحقن الثنائي ( الجرعة الصباحية و المسائية) . عند استعمال هذه الطريقة تحسب الجرعة الكلية للأنسولين ثم يعطى ثلثي الجرعة صباحا والثلث الآخر مساء. تقسم كل جرعة إلى قسمين , يعطى ثلثي الجرعة من الأنسولين متوسط المدى والثلث الآخر من الأنسولين قصير المدى . ينبغي على الطبيب و المريض ملاحظة ظهور علامات انخفاض السكر خاصة عند أقصى تأثير للأنسولين والذي يكون غالبا بعد ساعتين للأنسولين قصير المدى و حوالي 6-8 ساعات للأنسولين متوسط المدى. إن ظهور تلك العلامات في توقيت معين يعني زيادة أحد مكونات المزيج. ومن علامات انخفاض السكر, ارتعاش الأيدي, العرق الزائد, زيادة ضربات القلب, زغللة النظر و الإحساس بالجوع الشديد و تختفي هذه الأعراض تماما عند تناول السكريات بالفم أو استعمال محاليل الجلوكوز الوريدية.
هناك طرق أخرى لحقن الأنسولين , فهناك أسلوب الحقن المتعدد و الذي يعتمد على إعطاء جرعات متعددة من الأنسولين في محاولة لمحاكاة ما يحدث في الطبيعة. وهناك أيضا أسلوب الحقن قبل تناول الطعام . أدى تصنيع أنواع جديدة من الأنسولين مثل الأنسولين سريع المفعول المسمى ليسبرو (Insulin Lispro) إلى تطبيق مثل هذا الأسلوب و الذي يقوم على حقن الأنسولين مباشرة أو قبل 5-10 دقائق من تناول الطعام . بينما أدى تصنيع أنواع أخرى مثل الأنسولين طويل الفعالية ( Galgarine Insulin) الذي يمتاز بأنه بطئ الامتصاص إلى الاكتفاء بإعطاء المريض جرعة مسائية واحدة .
طرق حقن الأنسولين:
يتم إعطاء الأنسولين بصور مختلفة فقد يعطى تحت الجلد, بالعضل أو بالوريد وذلك حسب ما يراه الطبيب المعالج بناء على حالة المريض. غير أن بعض الشركات المصنعة للأنسولين لا توصي باستعمال بعض الطرق مثل الحقن بالعضل. عند استعمال الأنسولين مع المحاليل الوريدية المعبأة في عبوات زجاجية أو بلاستيكية ينبغي ملاحظة أن الأنسولين قد يترسب على جدران تلك العبوات نتيجة للكهرباء الساكنة على جدران تلك الزجاجات إذا أضيف إليها, لذلك ينصح بإضافة بعض المليمترات من دم المريض حتى يتسنى ربط بروتين الدم مع الأنسولين المضاف و بالتالي لا يضيع الأنسولين نتيجة ارتباطه بجدر تلك الأوعية أو تمرير حوالي 30 مليمتر من المحلول الموجود بالعبوة أولا عبر أنابيب التوصيل الوريدية قبل توصيلها بالوريد ثم يضاف الأنسولين إلى المحلول.
أما داخل المستشفيات , فغالبا ما تستعمل طريقة الشرائح المتتالية (Sliding Scale Method) , يتضح من اسم هذه الطريقة معناها, حيث تقوم على تقسيم اليوم إلى شرائح يتم التعامل معها بصورة منفصلة بحيث يكون الهدف هو ضبط مستوى السكر في تلك الشريحة باستخدام الأنسولين قصير المفعول. تختلف المنشاءات الصحية في تحديد زمن الشرائح وفق البروتوكول الذي تتبعه في معالجة مرضاها. فبعضها يقسم كل شريحة إلى فترة زمنية تتراوح بين 3-4 ساعات و آخرين يقسمون تلك الشرائح إلى فترات تتراوح بين 6-8 ساعات , ولكل أسلوب ما يدعمه من إيضاحات. تهدف هذه الطريقة إلى محاكاة الجسم البشري قدر المستطاع.غالبا ما يتم تجميع الوحدات المعطاة في تلك الشرائح ليتم إعطائها عن طريق أسلوب الحقن الثنائي ( صباحا و مساء) وغالبا ما يتم ذلك بعد مرور يومين أو ثلاث من بدء طريقة الشرائح المتعددة.
يتم استخدام الحقن تحت الجلد في اغلب مرضى داء السكري الذين يتلقون العلاج بالأنسولين, أما الحقن بالعضل أو في الوريد فيترك للحالات التي تحتاج تدخلا سريعا كما في حالات التحمض الدموي الكيتوني. أما الحقن بالعضل فيترك ليستعمل غالبا في حالة تعذر الحقن بالوريد و إن كان هناك تحفظات على ذلك.
أماكن الحقن:
يختلف وقت بدء امتصاص الأنسولين وسرعة امتصاصه من مكان الحقن من شخص إلى شخص.غالبا ما يمكن تقليل هذه الفروق بواسطة التحكم في العوامل المؤثرة على امتصاص الأنسولين مثل:
1) موضع الحقن : تعتبر منطقة الجدار البطني الأمامي الأسرع في الامتصاص يليها المنطقة الخارجية من الأذرع و أخيرا المنطقة الخارجية من الفخذ و الأرداف. يزيد معدل الامتصاص بحوالي 40% في منطقة البطن عن منطقة الفخذ.
2) زاوية الحقن و عمق الحقن
3) النشاط العضلي في منطقة الحقن
4) درجة الحرارة في منطقة الحقن
5) درجة التروية الدموية في مكان الحقن
إن منطقة البطن هي الأنسب لاعطاء الأنسولين بالرغم من ذلك الخوف لدى مرضى داء السكر من أن إبرة المحقنة قد تخترق البطن إلى داخل التجويف البطني. ولعل هذا الخوف هو أحد أهداف برنامج التوعية الصحية لمرضى السكر. و من ضمن أسباب تفضيل هذه المنطقة:
1) قلة تأثير العوامل الخارجية على سرعة الامتصاص من هذه المنطقة
2) اتساع مساحة منطقة الحقن
3) سهولة الحقن , حيث أن المريض يستطيع بسهولة رؤية كافة المنطقة
4) سهولة الوصول المباشر لمنطقة الحقن بواسطة المريض.
5) دائما ما ينصح مريض داء السكر الذي يستخدم الأنسولين بعدم تكرار الحقن في المنطقة الواحدة مرات عدة لتلافي آثار الحقن الموضعية. كما أن هناك بعض الأطباء ينصح بتكرار اخذ الأنسولين في الفترة الصباحية في مكان واحد مع الحرص على تغير موضع الحقن كأن يكون الذراع , البطن أو الفخذ على أن يتم تغير المكان في الجرعة المسائية وذلك لتلافى الاختلاف في معدل سرعة الامتصاص لنفس الجرعة عن كل يوم.
طريقة الحقن:
كثيرا ما يصر مرضى داء السكر على استعمال الكحول كمطهر موضعي في موضع الحقن , ولكن هذا أحد المفاهيم الخاطئة شائعة الانتشار. قد يودئ دخول الكحول إلى ما تحت الجلد إلى الإحساس بالألم الشديد . يمكن الاكتفاء فقط بغسل موضع الحقن بالماء و الصابون و تنشيف الموضع ليكون جاهزا للحقن و قد يكفي غسل الموضع بالماء فقط. في حالة إصرار المريض على استعمال الكحول كمطهر موضعي عليه أن يتركه ليجف قبل مباشرة الحقن. لعل الإحساس بالبرودة الناتج عن تبخر الكحول يعطي المريض الإحساس بالتخدر الموضعي و بالتالي اعتقاد عدم الإحساس بالألم. ولكن ينصح بالتشدد بتطهير موضع الحقن للمرضى الذين يرقدون بالمستشفيات و ذلك لتلافي احتمال تلوث موضع الحقن.
بعد ذلك ينبغي على المريض تطهير الغطاء البلاستيكي لزجاجة الأنسولين قبل دفع الإبرة إلى داخل الزجاجة لسحب الأنسولين ويتم ذلك باستخدام قطعة من القطن والكحول على أن يتم ذلك في حركة دائرية في اتجاه واحد وتترك قليلا ليجف الكحول.
يتم تثبيت الجلد بإحدى اليدين مع دفع ثنية كافية من الجلد بين اليدين . يمسك المريض الحقنة باليد الأخرى و يتم الحقن بزاوية قائمة أما إذا كان المريض نحيلا فينصح بالحقن بزاوية مائلة (45 درجة) على أن يتم الحقن بسرعة لتخفيف الألم المنبعث من اختراق الجلد.
بعد إدخال إبرة المحقنة يفرغ الأنسولين ببطء في خلال 2-4 ثواني على أن تترك الإبرة في مكانها لمدة تتراوح بين 10-15 ثانية وذلك لاعطاء الأنسجة فترة كافية للتمدد مما يقلل تسرب الأنسولين من موضع الحقن . تسحب الإبرة ببطء من موضع الحقن و لا ينبغي على المريض مسح موضع الحقن بالكحول أو دعك الموضع.
يمكن للمريض إعادة استعمال المحاقن أكثر من مرة واحدة ولكن ينبغي تماما تجنب استعمال الحقن المستعملة بواسطة الآخرين خاصة لدى المرضى ذوي الخصوصية مثل المصابين بمتلازمة نقص المناعة المكتسب أو التهاب الكبد الفيروسي أو المرضى الذين يعانون من اعتلال الجهاز المناعي وذلك حرصا على عدم تسرب الميكروبات إلى داخل الجسم.
لعل تسجيل البيانات حول حقن الأنسولين مثل مكان الحقن , زاوية الحقن و أسلوب الحقن في سجلات التمريض يسمح بتوفير قاعدة من البيانات تسمح بتصحيح مسار العملية التمريضية داخل المنشاءات الصحية.
يتم حفظ الأنسولين في الثلاجة في درجة حرارة تتراوح بين 4-8 درجات مئوية على أن لا يسمح للأنسولين بالتجمد . يمكن للمريض أن يستعمل الأنسولين الموجود في حرارة الغرفة العادية ( 15- 25 درجة مئوية) في المناطق الباردة على أن لا يعرض الأنسولين لأشعة الشمس بصورة مباشرة . غالبا لا ينصح باستعمال العبوة أكثر من شهر و ذلك لان فعالية الأنسولين تبدأ بالتناقص منذ البدء باستعماله وان كان الحفظ الجيد قد يسمح بإطالة تلك الفعالية.
قبل استعمال عبوة الأنسولين , ينبغي على المريض ملاحظة أية تغيرات في تجانس العبوة , مثل ظهور ترسبات جيرية تشبه الثلج لا تذوب عند الرج الخفيف للعبوة أو ظهور رواسب تفقد عبوة الأنسولين قصير المدى صفائها. بعض الشركات قد تسمح بخلط الأنسولين الذي تقوم بتصنيعه مع الأنسولين المصنع بواسطة شركات أخرى, بينما البعض الآخر لا يوصي بذلك وان لم يمنع ذلك صراحة. ولكن نظرا لاختلاف المواد المضافة للأنسولين في العبوات مثل المواد الحافظة و المذيبة للأنسولين إضافة إلى اختلاف مصدر الأنسولين ,فان الرأي الثاني هو الآمن في التطبيق.
يواجه مرضى داء السكري العديد من المشاكل , ولعل اعتلال الشبكية السكري واحد من أهم لك المشكلات و التي قد تصل إلى حد فقد البصر الكلي. لذلك يمكن لمن يتولون رعاية المرضى غير القادرين على تحديد المقدار المحدد من الأنسولين بسب صعوبة ذلك نظرا للإعاقة البصرية أو الحركية أن يقوموا بتحضير عدد من الحقن تحوي الكمية الموصوفة للمريض على أن تحفظ في الثلاجة بعيدا عن التجمد . ينبغي الحرص على أن تكون إبرة الحقنة إلى الأعلى أو في وضع أفقي وذلك لتلافى ترسب الأنسولين داخل الإبرة مما يودئ إلى انسداد الحقنة . ينمكن استخدام هذه الحقن المعدة خلال أسبوعين من تحضيرها مع مراعاة الحفظ الجيد لها بالثلاجة. قبل استخدام الحقن المعدة بهذه الطريقة ينبغي رجها بلطف لاعادة مزج الأنسولين بباقي المزيج.
وسائل حقن الأنسولين:
1) هناك العديد من الوسائل المستخدمة لحقن الأنسولين مثل حقن الأنسولين التي تتنوع حسب درجات تدرجها. يتم قياس الأنسولين المسحوب من العبوات بالوحدات الدولية . هناك بعض الحقن مدرجة حتى 40 وحدة دولية و أخرى حتى 100 وحدة دولية و هي ما يعادل واحد مليمتر من المزيج أو واحد سنتيمتر مكعب ولعلها الأكثر شيوعا في الاستعمال.
2) هناك أيضا أقلام حقن الأنسولين و التي تشبه الأقلام الكبيرة وتحتوي على عبوة الأنسولين باختلاف أنواعه. ساعدت هذه الوسيلة كثيرا من المرضى و ذلك للأسباب التالية:
أ) عدم حوجة المريض لحمل زجاجات الأنسولين و ما تحتاجه من متطلبات مثل الحفظ و اشتراطات الحفظ.
ب) عدم الحوجة لحمل حقن الأنسولين
ت) تلافى الإحساس بالحرج و التأثر الاجتماعي عند الحوجة لاستخدام الأنسولين , حيث يستطيع المريض استعمال تلك الأقلام في أي مكان عام دون خوف أو تردد.
3) وهناك أيضا مضخات الأنسولين الخارجية . تقوم هذه المضخات بضخ الأنسولين بطريقة مستمرة تحت الجلد كما يمكن ضبط هذه المضخات لتقوم بضخ كميات زائدة من الأنسولين قبل الوجبات. و يتم ذلك إما أتوماتيكيا أو بواسطة المريض.
4) وهناك أيضا مضخات الأنسولين الداخلية. تقوم هذه المضخات بضخ الأنسولين في التجويف البريتوني البطني من خلال مخزن يتم زرعه في البطن ويتم التحكم بكمية الأنسولين بواسطة أداة استشعار.
5) وهناك المحاقن النفاثة . تقوم هذه المحاقن بحقن الأنسولين تحت الجلد بواسطة ضغط الهواء دون الحوجة لاستعمال الإبر. يعتقد الكثير من مرضى داء السكري أن هذه الوسيلة تمنع الإحساس بألم وخز الإبرة المستعملة في الحقن و لكن هذا واحد من المفاهيم الخاطئة المنشرة بين مرضى داء السكري.
لعل التطور الحادث في الوسائل المستخدمة للحقن و الأجهزة المستخدمة يصيب الكثير من العاملين بالحقل الصحي بالحيرة و الارتباك , لذلك لا غنى عن الاطلاع المستمر لمعرفة الجديد و كيفية التعامل معه. إن التطور السريع في وسائل المعرفة صار لا يعفي أحد من ضرورة التعلم.
الآثار الناتجة عن استعمال حقن الأنسولين:
1) عند البدء بالحقن للمرة الأولى أو استعمال نوع جديد من الأنسولين للمرة الأولى قد يلاحظ بعض المرضى حساسية موضعية بمكان الحقن أو حوله ( حكه, احمرار, تورم) قد تستمر لعدة أيام و لكنها تبدأ بالاختفاء التدريجي. مثل هذا التحسس نادر الحدوث , و يحدث نتيجة لتحفز الجهاز المناعي بسبب بعض مكونات عبوة الأنسولين أو عدم نقاء الأنسولين المستعمل في تلك العبوة أو نتيجة لأسلوب الحقن الخاطئ. عند حدوث مثل هذا التحسس ينبغي استشارة الطبيب المعالج لبحث الأسباب التي تؤدى لذلك و محاولة معالجتها. ينبغي على المريض التوقف عن الحقن إذا كان التحسس قويا أو اصبح عاما في كل الجسم و استشارة الطبيب المعالج فورا.
2) انخفاض السكر : قد يحدث انخفاض الجلوكوز لدى المرضى الذين يستعملون الأنسولين كأحد أساليب العلاج نتيجة للعديد من الأسباب منها:
أ) اخذ المريض لكمية كبيرة من الأنسولين اكثر من احتياجه المطلوب
ب) عدم تناول كمية كافية من السكريات في حدود البرنامج الغذائي المسموح به للمريض بعد اخذ حقنة الأنسولين بمدة كافية.
ت) عدم تناسب النشاط الحركي مع كمية الأنسولين المعطاة و كمية السكريات المتناولة
ث) تناول الكحوليات قد يودئ إلى انخفاض السكر المتكرر لدى المرضى السكريين عموما و خاصة الذين يعتمدون على الأنسولين.
ينبغي على مريض داء السكر المتابعة الدائمة لمستوى الجلوكوز بالدم حتى يستطيع ضبط الجرعات التي يتناولها إضافة إلى معرفة علامات انخفاض السكر و كيفية التعامل معها.
قد يلاحظ البعض انخفاض السكر لدى بعض مرضى داء السكر إلى مستويات منخفضة جدا و مع هذا لا يشعرون بأعراض ذلك الانخفاض , ولعل ذلك يرجع إلى الأسباب التالية:
أ) تناول بعض العقاقير التي تثبط تأثير الجهاز العصبي السمبثاوي و الذي يقوم بإدارة الجسم في حالات الطوارئ مثل أزمة انخفاض الجلوكوز الذي يمثل الوقود الأساسي للجسم البشري. ومن أمثلة تلك العقاقير مثبطات مستقبلات بيتا و هي أحد اشهر العقاقير الخافضة للضغط.
ب) التعود على مستوى السكر المنخفض. إن تعود الجسم على مستويات منخفضة من الجلوكوز تجعله يعتاد على ذلك مما يجعله اقل استجابة لانخفاض السكر الحاد و لتلافي هذه المشكلة ينبغي على الطبيب المعالج أن يسمح لمستوى الجلوكوز لدى المريض بالارتفاع وذلك إما بتقليل الجرعات المعطاة أو زيادة السكريات المتناولة وذلك لمدة ثلاث اشهر و من ثم يعاد ضبط الجلوكوز مرة أخرى وذلك حتى يستطيع الجسم استشعار الانخفاض مرة أخرى. إن هذا لا يعني السماح لمستوى الجلوكوز بالارتفاع الى مستويات كبيرة و لكن الى مستوى يقل عن 200 ملجم / دسل ( 11ملمول/ ليتر).
3) التورم الشحمي : لعل هذه التورم هو أحد المضاعفات الموضعية للأنسولين و يحدث عادة نتيجة تكرار الحقن في مكان واحد . إن الأنسولين هو أحد الهرمونات البناءة التي تحفز تكوين الدهون و تخزينها في أنسجة الجسم المختلفة. إن تكرار الحقن في مكان واحد يحفز الخلايا الدهنية على تكوين و تخزين الشحوم و بالتالي يبدأ ظهور تلك التورمات و التي قد تأخذ أحجاما مختلفة . يتم معالجة تلك التورمات بتجنب الحقن فيها أو حولها , قد تأخذ هذه الطريقة وقتا طويلا و قد لا تنجح لذلك يلجأ الطبيب المعالج الى شفط الدهون من تلك المناطق المتورمة ولعل هذه الطريقة تفرح المرضى المصابين بهذه التورمات خاصة السيدات لما تمثله من حل سريع لتلك المشكلة.
4) الضمور الشحمي : وهو عبارة عن انبعاجات تظهر في الجلد نتيجة لفقد الأنسجة الشحمية بموضع الحقن نتيجة لتحفز الجهاز المناعي لوجود بعض مكونات مزيج الأنسولين التي تثير الجهاز المناعي أو في حالة الأنسولين غير النقي. ولعلاج هذه المشكلة ينصح المريض بالحقن حول موضع تلك التبعجات لتحفز تكون الشحوم لتملأ تلك الانبعاجات
حقيقة إن العلاج باستعمال الأنسولين واحد من أهم المواضيع التي تشغل بال العديد من مرضى داء السكري و الأطباء المعالجين لهم , لذلك كان من الواجب توضيح العديد من الحقائق حول هذا الموضوع الهام .
دائما وابد دعواتي لكل إخواننا و أخواتنا مرضى داء السكري بموفور الصحة و العافية.