والأعمال الفاضلة ترجعُ إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: الأعمال الفاضلة التي يعود نفعُها إلى المُكلَّف نفسِه، ولا تتعدَّى لغيره إلا تبَعًا؛ كالصّلاة، والذكر، والصّيام، ونحوِ ذلك، وقد جاءَ في هذا النوع ترغيبٌ كثير؛ فعن أبي هريرة قال: سُئِل رسول الله : أيُّ الصلاة أفضلُ بعد المكتوبة؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((الصلاةُ في جوف الليل))، قال: فأيُّ الصيام أفضلُ بعد رمضان؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((شهر الله المُحرَّم)) رواه مسلم، وعن أنس قال: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من صلَّى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلُع الشمسُ ثم صلَّى ركعتين كانت له كأجر حجَّة وعمرةٍ تامَّة تامَّة تامَّة)) رواه الترمذي، والطبراني بلفظ: ((انقلَبَ بأجر حجَّةٍ وعمرة)) قال المنذري: "وإسناده جيد". وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ سُلامَى من الناسِ عليه صدقة كلَّ يومٍ تطلُع فيه الشمس)).
ومعنى الحديث: أنَّ كلَّ مِفصَلٍ من الإنسان عليه صدقة، فالسُّلامَى هي المفاصِل، فكلُّ مفصَلٍ عليه صدقة يُؤدِّيها المسلمُ عن بدنه، قال صلى الله عليه وسلم: ((وتُجزِئُ عن ذلك ركعتا الضُّحى)).وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: يا ابنَ آدم، اركع لي أربع ركعاتٍ أول النهار أكفِك آخره)) رواه الترمذي. وهذه الأربع غيرُ صلاة الفجر وسنته على الصحيح من أقوال أهل العلم. وعن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وإنّك لن تَسجُد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجة، وحطَّ عنك به خطيئة))، وعن أبي الدرداء قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبِركم بخيرِ أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهَب والورِق -أي: الفضة-، وخير لكم مِن أن تلقَوا العدوّ، فتضرِبوا أعناقهم ويضرِبوا أعناقكم؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((ذكرُ الله)) رواه أحمد والترمذي والحاكم وصحَّحه، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير في أول يومه مائة مرة؛ كانت له عِدل عشر رقابٍ، وكُتِبَت له مائةُ حسنة، ومُحِيَت عنه مائةُ سيّئة، وكانت له حِرزًا من الشيطان يومَه ذلك حتى يُمسِي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ مما جاء به إلا أحدٌ عمِلَ أكثرَ من ذلك)) رواه البخاري ومسلم.وفي "صحيح مسلم": ((من قال: سبحان الله وبحمده في أول يومه وفي آخره مائة مرة لم يأت أحدٌ بأفضل مما جاء به)).
ومن أفضل الذكر ما يُقال عقِبَ الصلواتِ الخمس من الأذكارِ المشروعة، فهي بابٌ جامعٌ للخيرات ودافعةٌ للشرور والمكروهات، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((صُم من كل شهرٍ ثلاثةَ أيام، وذلك كصيام الدهر)).والنوع الثاني من فضائل الأعمال الصالحة: ما يتعدَّى نفعُه إلى الخلق، وهي إحسانٌ إلى النفسِ، وإحسانٌ إلى الغيرِ، وفيها تسابَقَ المتنافِسون، وفاز أهلُها بخيرَي الدّنيا والآخرة؛ عن عبد الله بن عمرو أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((أربعون خصلةً أعلاها مَنيحةُ العَنز، من عمِلَ خصلةً رجاء ثوابها وتصديق موعودها دخل الجنة)) رواه البخاري، وعن جابر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((كلُّ معروفٍ صدقة، ومن المعروف أن تلقَى أخاك بوجهٍ طلِق، وأن تُفرِغ من دلوِك في إنائه)) رواه أحمد، وعن أبي ذرٍّ قال: قلتُ: يا رسول الله، دُلَّني على عملٍ إذا عمِلَ به العبدُ دخل الجنة، قال: ((يؤمنُ بالله))، قلتُ: يا رسول الله، إن مع الإيمان عملاً، قال: ((يرضَخُ مما رزَقَه الله)) يعني: يتصدَّق، قلتُ: وإن كان مُعدِمًا لا شيء له، قال: ((يقول معروفًا بلِسانه))، قلتُ: فإن كان عيِيًّا لا يُبلِغُ عنه لسانُه، قال: ((فيُعينُ مغلوبًا))، قلتُ: فإن كان ضَعيفًا لا قدرةَ له، قال: ((فليَصنَع لأخرقَ))، قلتُ: فإن كان أخرقَ يعني: لا يُحسِنُ صنعةً، فالتفتَ إليَّ فقال: ((ما تريدُ أن تدَعَ في صاحبِك شيئًا من الخير، فليَدَعِ الناسَ من أذاه))، قلتُ: يا رسول الله!، إنَّ هذا كلَّه ليسير، قال: ((والذي نفسي بيده؛ ما من عبدٍ يعملُ بخصلةٍ منها يريدُ بها ما عندَ الله إلا أخذَت بيدِه يومَ القيامة حتى يدخل الجنة)) رواه ابن حبان في "صحيحه"، ولبعض ألفاظه شواهد في "الصحيحين". وعن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ امرأةً بغيًّا سقَت كلبًا فغفر الله لها)) رواه البخاري ومسلم، وقال : ((في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجر)) رواه البخاري ومسلم، وفي الحديث: ((صيامٌ وصدقة وشهود جنازة وعيادةُ مريض ما اجتمَعت لعبدٍ في يوم إلا دخل الجنة)).
وجِماعُ العبادَة وآكَدُها هو الدعاءُ، وهو أعظَم عبادَةٍ يتقرَّبُ بها العبدُ إلى اللهِ تبارك وتعالى، فيسألُ الله عزَّ وجلَّ، ويرفع إلى ربِّه حوائِجَه في الدّنيا والآخرة، ويسألُ العبدُ مِن خَيرَي الدنيا والآخرة، فإنه جِماعُ الخير كلِّه. وإنَّ الدعاءَ شأنه عظيم وأمره كَبير، ولا سيَّما في أوقاتِ النوازل وأوقاتِ الحوادثِ والمضائقِ والكُرُبات، ونحن في هذا العَصر نزلَ بالمسلمين شدائدُ وكُرُبات، واقتَتلوا، واستَحلَّ بعضُهم من بعضٍ مَا حرَّم الله عزّ وجلّ، ونزَل بهم أمرٌ لا يرفعه إلا الله تعالى.فالمسلمُ يدعو لنفسه، ويدعو للمسلمين، ويدعو بأن ينصرَ الله الإسلام والمسلمين، وأن يرفع البأسَ، وأن يرفعَ الاختلاف عن المسلمين؛ فإنه تبارك وتعالى جوادٌ كريم، والله تبارك وتعالى يقول:" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" [غافر: 60]، وفي الحديث: ((الدعاءُ مُخُّ العبادة))، وفي الحديث الآخر: ((الدعاءُ هو العبادة)).فادعُ الله -أيها المسلم- لإخوانِك المسلمين، ادعُ الله لهم بأن يُصلِح الله أحوالهم، وأن يُيسِّر أمورَهم، وأن يرفع عنهم الشدائد والكُرباتِ التي نزلَت بهم، وأن يَتَولَّى أمورَهم؛ فإنه تبارك وتعالى جوادٌ كريم.والنوع الثالث من أبوابِ الخيرِ العظيمَة: كفُّ الشرِّ والأذى والضرَر عن الناس، فيحفَظ المسلمُ لسانَه ويدَه وجَوارِحَه، فيحفَظ المسلم بهذا حسناته، ويُريح الناسَ من شره؛ فعن أبي ذرٍّ قال: قلتُ: يا رسول الله، أيُّ العمل أفضل؟ قال: ((الإيمانُ بالله، والجهادُ في سبيل الله))، قال: قلتُ: أرأيتَ إن ضعُفتُ عن بعض العمل؟ قال: ((تكُفُّ شرَّك عن الناس، فإنها صدقةٌ منك على نفسك)) رواه البخاري ومسلم.
قال الله تعالى:" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ" [الجاثية: 15]، وقال عزّ وجلّ: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ "[الزلزلة: 7، 8]، وقال تبارك وتعالى: "إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا" [النساء: 31].فاتقوا الله، فما أفلحَ أحدٌ إلا بالتّقوى، وما خابَ أحدٌ إلا باتّباع الهوى والإعراضِ عن عبوديةِ الخالق الذي ينفعُ ويضُرُّ ويُعذِّبُ مَن يشاء بعدله، ويرحمُ من يشاءُ بفضله.أيّها المسلِمون حاسِبوا أنفسَكم قبلَ الموتِ؛ فإنَّ مَن حاسَبَ نفسَه هوَّن الله عليه الحِسابَ، وليُحدِث كلُّ امرِئٍ توبةً بعد السيّئة؛ فعن معاذٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اتَّقِ الله حيثُما كنتَ، وأتبِع السيِّئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حسنٍ)).وأصلِحوا القلوبَ بالإخلاصِ والتوحيدِ تصلحْ الأعمال، وفي الحديث: ((إن الله لا ينظر إلى صوَركم وأعمالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم)).عبادَ الله، إنَّ الله أمرَكم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه.
النوع الأول: الأعمال الفاضلة التي يعود نفعُها إلى المُكلَّف نفسِه، ولا تتعدَّى لغيره إلا تبَعًا؛ كالصّلاة، والذكر، والصّيام، ونحوِ ذلك، وقد جاءَ في هذا النوع ترغيبٌ كثير؛ فعن أبي هريرة قال: سُئِل رسول الله : أيُّ الصلاة أفضلُ بعد المكتوبة؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((الصلاةُ في جوف الليل))، قال: فأيُّ الصيام أفضلُ بعد رمضان؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((شهر الله المُحرَّم)) رواه مسلم، وعن أنس قال: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من صلَّى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلُع الشمسُ ثم صلَّى ركعتين كانت له كأجر حجَّة وعمرةٍ تامَّة تامَّة تامَّة)) رواه الترمذي، والطبراني بلفظ: ((انقلَبَ بأجر حجَّةٍ وعمرة)) قال المنذري: "وإسناده جيد". وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ سُلامَى من الناسِ عليه صدقة كلَّ يومٍ تطلُع فيه الشمس)).
ومعنى الحديث: أنَّ كلَّ مِفصَلٍ من الإنسان عليه صدقة، فالسُّلامَى هي المفاصِل، فكلُّ مفصَلٍ عليه صدقة يُؤدِّيها المسلمُ عن بدنه، قال صلى الله عليه وسلم: ((وتُجزِئُ عن ذلك ركعتا الضُّحى)).وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: يا ابنَ آدم، اركع لي أربع ركعاتٍ أول النهار أكفِك آخره)) رواه الترمذي. وهذه الأربع غيرُ صلاة الفجر وسنته على الصحيح من أقوال أهل العلم. وعن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وإنّك لن تَسجُد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجة، وحطَّ عنك به خطيئة))، وعن أبي الدرداء قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبِركم بخيرِ أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهَب والورِق -أي: الفضة-، وخير لكم مِن أن تلقَوا العدوّ، فتضرِبوا أعناقهم ويضرِبوا أعناقكم؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((ذكرُ الله)) رواه أحمد والترمذي والحاكم وصحَّحه، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير في أول يومه مائة مرة؛ كانت له عِدل عشر رقابٍ، وكُتِبَت له مائةُ حسنة، ومُحِيَت عنه مائةُ سيّئة، وكانت له حِرزًا من الشيطان يومَه ذلك حتى يُمسِي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ مما جاء به إلا أحدٌ عمِلَ أكثرَ من ذلك)) رواه البخاري ومسلم.وفي "صحيح مسلم": ((من قال: سبحان الله وبحمده في أول يومه وفي آخره مائة مرة لم يأت أحدٌ بأفضل مما جاء به)).
ومن أفضل الذكر ما يُقال عقِبَ الصلواتِ الخمس من الأذكارِ المشروعة، فهي بابٌ جامعٌ للخيرات ودافعةٌ للشرور والمكروهات، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((صُم من كل شهرٍ ثلاثةَ أيام، وذلك كصيام الدهر)).والنوع الثاني من فضائل الأعمال الصالحة: ما يتعدَّى نفعُه إلى الخلق، وهي إحسانٌ إلى النفسِ، وإحسانٌ إلى الغيرِ، وفيها تسابَقَ المتنافِسون، وفاز أهلُها بخيرَي الدّنيا والآخرة؛ عن عبد الله بن عمرو أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((أربعون خصلةً أعلاها مَنيحةُ العَنز، من عمِلَ خصلةً رجاء ثوابها وتصديق موعودها دخل الجنة)) رواه البخاري، وعن جابر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((كلُّ معروفٍ صدقة، ومن المعروف أن تلقَى أخاك بوجهٍ طلِق، وأن تُفرِغ من دلوِك في إنائه)) رواه أحمد، وعن أبي ذرٍّ قال: قلتُ: يا رسول الله، دُلَّني على عملٍ إذا عمِلَ به العبدُ دخل الجنة، قال: ((يؤمنُ بالله))، قلتُ: يا رسول الله، إن مع الإيمان عملاً، قال: ((يرضَخُ مما رزَقَه الله)) يعني: يتصدَّق، قلتُ: وإن كان مُعدِمًا لا شيء له، قال: ((يقول معروفًا بلِسانه))، قلتُ: فإن كان عيِيًّا لا يُبلِغُ عنه لسانُه، قال: ((فيُعينُ مغلوبًا))، قلتُ: فإن كان ضَعيفًا لا قدرةَ له، قال: ((فليَصنَع لأخرقَ))، قلتُ: فإن كان أخرقَ يعني: لا يُحسِنُ صنعةً، فالتفتَ إليَّ فقال: ((ما تريدُ أن تدَعَ في صاحبِك شيئًا من الخير، فليَدَعِ الناسَ من أذاه))، قلتُ: يا رسول الله!، إنَّ هذا كلَّه ليسير، قال: ((والذي نفسي بيده؛ ما من عبدٍ يعملُ بخصلةٍ منها يريدُ بها ما عندَ الله إلا أخذَت بيدِه يومَ القيامة حتى يدخل الجنة)) رواه ابن حبان في "صحيحه"، ولبعض ألفاظه شواهد في "الصحيحين". وعن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ امرأةً بغيًّا سقَت كلبًا فغفر الله لها)) رواه البخاري ومسلم، وقال : ((في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجر)) رواه البخاري ومسلم، وفي الحديث: ((صيامٌ وصدقة وشهود جنازة وعيادةُ مريض ما اجتمَعت لعبدٍ في يوم إلا دخل الجنة)).
وجِماعُ العبادَة وآكَدُها هو الدعاءُ، وهو أعظَم عبادَةٍ يتقرَّبُ بها العبدُ إلى اللهِ تبارك وتعالى، فيسألُ الله عزَّ وجلَّ، ويرفع إلى ربِّه حوائِجَه في الدّنيا والآخرة، ويسألُ العبدُ مِن خَيرَي الدنيا والآخرة، فإنه جِماعُ الخير كلِّه. وإنَّ الدعاءَ شأنه عظيم وأمره كَبير، ولا سيَّما في أوقاتِ النوازل وأوقاتِ الحوادثِ والمضائقِ والكُرُبات، ونحن في هذا العَصر نزلَ بالمسلمين شدائدُ وكُرُبات، واقتَتلوا، واستَحلَّ بعضُهم من بعضٍ مَا حرَّم الله عزّ وجلّ، ونزَل بهم أمرٌ لا يرفعه إلا الله تعالى.فالمسلمُ يدعو لنفسه، ويدعو للمسلمين، ويدعو بأن ينصرَ الله الإسلام والمسلمين، وأن يرفع البأسَ، وأن يرفعَ الاختلاف عن المسلمين؛ فإنه تبارك وتعالى جوادٌ كريم، والله تبارك وتعالى يقول:" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" [غافر: 60]، وفي الحديث: ((الدعاءُ مُخُّ العبادة))، وفي الحديث الآخر: ((الدعاءُ هو العبادة)).فادعُ الله -أيها المسلم- لإخوانِك المسلمين، ادعُ الله لهم بأن يُصلِح الله أحوالهم، وأن يُيسِّر أمورَهم، وأن يرفع عنهم الشدائد والكُرباتِ التي نزلَت بهم، وأن يَتَولَّى أمورَهم؛ فإنه تبارك وتعالى جوادٌ كريم.والنوع الثالث من أبوابِ الخيرِ العظيمَة: كفُّ الشرِّ والأذى والضرَر عن الناس، فيحفَظ المسلمُ لسانَه ويدَه وجَوارِحَه، فيحفَظ المسلم بهذا حسناته، ويُريح الناسَ من شره؛ فعن أبي ذرٍّ قال: قلتُ: يا رسول الله، أيُّ العمل أفضل؟ قال: ((الإيمانُ بالله، والجهادُ في سبيل الله))، قال: قلتُ: أرأيتَ إن ضعُفتُ عن بعض العمل؟ قال: ((تكُفُّ شرَّك عن الناس، فإنها صدقةٌ منك على نفسك)) رواه البخاري ومسلم.
قال الله تعالى:" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ" [الجاثية: 15]، وقال عزّ وجلّ: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ "[الزلزلة: 7، 8]، وقال تبارك وتعالى: "إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا" [النساء: 31].فاتقوا الله، فما أفلحَ أحدٌ إلا بالتّقوى، وما خابَ أحدٌ إلا باتّباع الهوى والإعراضِ عن عبوديةِ الخالق الذي ينفعُ ويضُرُّ ويُعذِّبُ مَن يشاء بعدله، ويرحمُ من يشاءُ بفضله.أيّها المسلِمون حاسِبوا أنفسَكم قبلَ الموتِ؛ فإنَّ مَن حاسَبَ نفسَه هوَّن الله عليه الحِسابَ، وليُحدِث كلُّ امرِئٍ توبةً بعد السيّئة؛ فعن معاذٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اتَّقِ الله حيثُما كنتَ، وأتبِع السيِّئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حسنٍ)).وأصلِحوا القلوبَ بالإخلاصِ والتوحيدِ تصلحْ الأعمال، وفي الحديث: ((إن الله لا ينظر إلى صوَركم وأعمالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم)).عبادَ الله، إنَّ الله أمرَكم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه.